لنرجع خطوة إلى الوراء ونتأمل قليلاً المشهد حينها، حينما كانت المملكة تعرف كيف تستخدم إمكانياتها الطبيعية، ولكنها أيضًا تعرف كيف تُعيد تعريف نفسها بفضل رؤيتها الطموحة 2030 تلك الخطة التي تُشبه القصيدة في جمال صياغتها وشمولها، قررت أن تجعل من الابتكار ركنًاً أساسيًا في الاقتصاد الوطني، وفي قلب هذا الابتكار تأتي صناعة المحتوى.
لكن دعني أحدثك عن «فوج» الاسم وحده يثير الفضول ماذا يعني؟ ولماذا يبدو مختلفًا؟ خلال ملتقى «صُنّاع التأثير» ظهرت «فوج» للمرة الثانية وكأنها تُعلن عن حقبة جديدة بإطلاقها لمحفظة استثمارية بقيمة 500 مليون ريال سعودي رقم كبير؟، نعم ولكنه ليس مجرد رقم إنه تعبير عن رغبة المملكة في أن تجعل من الأفكار سلعة، ومن الإبداع صناعة.
ما الذي تُقدمه «فوج»؟، الأمر أشبه بكتابة فصل جديد في كتاب مفتوح، إحدى مبادراتها الأبرز هي منصة «تشارك»، نعم إنه اسم بسيط ولكنه يحمل فكرة عميقة، تخيل معي منصة تربط بين الموردين والمستفيدين لتسهل العمل، وتخلق بيئة تدعم التنافسية، والهدف؟ عوائد تصل إلى 250 مليون ريال خلال خمس سنوات.
لكن العوائد ليست فقط أموالاً، إنها فرص عمل، إنها اقتصاد متحرك، إنها مستقبل يكتب الآن، تسألني كيف يُمكن لصناعة المحتوى أن تكون بهذا الأثر؟، سأقول لك: الأمر أبعد من مجرد صور وفيديوهات، إنها صناعة تتعلق بالهوية، بالقصص التي نرويها عن أنفسنا للعالم، وبالطريقة التي نُعيد بها تشكيل دورنا في هذا العالم المتغير، ففوج ليست مجرد شركة، إنها فكرة ونموذج، بل وأحيانًا حلم يتحول إلى حقيقة.
لكن القصة ليست فقط عن «فوج»، إنها عن المملكة ككل، عن دولة تُعيد تعريف نفسها، تُعيد بناء اقتصادها، تُعيد صياغة دورها، كانت في الماضي تُصدر النفط، ولكن اليوم تُصدر الأفكار، وبينما تسير بخطى واثقة نحو المستقبل تُدرك أن الاقتصادات الإبداعية هي الجسر الذي سيقودها إلى الريادة.
وأنت تقرأ هذا الكلام ربما تتساءل: ما القادم؟ الإجابة ليست في كلمات تُكتب هنا، بل في المشروعات التي تُنفذ هناك، في الاستثمارات التي تُضخ، وفي العقول التي تُبدع.
مما لا شك فيه «فوج» هي البداية، لكنها ليست النهاية، وهي دعوة لكل من لديه حلم بأن يصنع واقعًا جديدًا في بلد يعرف كيف يُلهم، وكيف يفتح أبوابه للمستقبل، فالمملكة لا تكتب تاريخها فحسب، بل تُعيد كتابة تاريخ المنطقة.