الأطباء يتحدثون عن الأمراض، ينصحون، يثقفون، يُقلقون أحيانًا، وكثيرًا ما يختلفون، الصيادلة دخلوا المنافسة من أكبر أبوابها، ينصحون ببعض الأدوية ويعيبون بعضها، ويختلفون حسب مدارسهم ومناهجهم الطبية، فكلٌ له طريقه، وفي نفس المجال تحدث أخصائيو التغذية، واختلفوا كما اختلف غيرهم، ومؤخرًا ظهرت القابلات وتحدثنّ فيما يخص عملهنّ وأفتينّ فيما لا يفتي به إلا الطبيب المختص بطب النساء والولادة وأحيانًا مختصي طب الذكورة، اختلط الحابل بالنابل والمتلقي هو الضحية، وغالبًا ما يقع في حيرة، حينما يسمع المعلومة مختلفة من شخص لآخر، فأحدهم ينصح بفيتامين دال، وآخر لا ينصح به لأنه من الممكن أن يرتفع لمستوى تسممي، أو لأن بلادنا مشمسة ويكفي التعرض للشمس، جميل! لكن ما هي النصيحة الدقيقة؟ أأتناول فيتامين دال أم هو خرافة كما قال بعض الأطباء! بعض مختصي التغذية نصح بخل التفاح للدهون ولإنقاص الوزن، بينما طبيب الباطنة يقول إنه مضر بالمعدة ومن الممكن أن يؤذيها، مختص بالطب البديل مدح عرق السوس لتعويض نقص الغدة الدرقية! وطبيب القلب قال إنه يرفع ضغط الدم! الشخص الذي يبحث عن المعلومة سيدخل في متاهة معلومات الإنترنت وكلام الأطباء وغيرهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، والتي غيرت بالفعل الرعاية الصحية وستستمر بفعل ذلك بطرق لا يمكن تصورها. ولكن على أخصائي الرعاية الصحية معرفة كيف يتلقى الناس معلوماتهم، وكيف يؤثر ذلك على اتخاذ قراراتهم الطبية، نعم هناك العديد من الفوائد، ولكن توجد أخطار محتملة أيضا، هناك نقص شامل في الأبحاث التي تدرس كيفية تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على اتخاذ القرارات الطبية عبر التركيبة السكانية المختلفة والأمراض المحددة ونوعية المنصات. هناك شريحة كبيرة من الناس لا نعرف خلفيتها الثقافية أو التعليمية، لذلك الأرجح أن المعلومة تضره أكثر مما تفيده، أما في العيادة فالرسالة لكل مريض مختلفة، حسب حالته، وعيه وتعليمه، والرسالة عبر منصات التواصل الاجتماعي، دائمًا تكون عامة كل شخص سيفهمها حسب عقليته وتعليمه.
لذلك التثقيف الصحي عبر منصات التواصل الاجتماعي لا بد أن تكون له شروط، وسياسات، من ضمنها المؤهل والتخصص، وكذلك أجد أن الظهور الكثير للأطباء ومقدمي الخدمة الطبية وتواجدهم الدائم على منصات التواصل وحديثهم في غير تخصصهم، قد يقلل من مصداقيتهم، الطب طالما ارتبط بالحكمة وكما قيل " الحكمة عشرة أجزاء، تسعة منها الصمت"، والعاشر قلة الكلام.