يركز الفيلم، ومن خلال تقنيات الإبهار البصري والسمعي المتنوعة، على إضفاء بعد جمالي أخاذ على عالم الطبيعة يمنحها مزيدا من المهابة والجلال. فالطبيعة هنا لا تلعب دورا ثانويا، ويمكن اعتبارها البطل الرئيس لقصة الفيلم.
في فيلم «موانا» الطبيعة قوة ديناميكية مجسدة تتفاعل بوعي مع البشر وليست مجرد خلفية قصصية، وسط عالم متهافت يحتاج لمخلص وثقافة مشحونة بفيض غني من الأساطير وعبادة الأسلاف وأرواح الطبيعة. ويمكن تمييز لمحات وسمات من عقيدة وحدة الوجود وحلول الآلهة وسط الطبيعة وصراعها مع أو ضد البشر، وهي من الأفكار التي تتبناها أستوديوهات والت ديزني بحماس كبير، ويمكن ملاحظة ملامح من هذه العقيدة في مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية التي تنتجها شركة ديزني.
لعقيدة وحدة الوجود أتباع منذ قديم الزمن، سعوا على مر العصور لخلق مزيج غير متناقض بينها وبين تعاليم الأديان السماوية، ففي فيلم موانا نجد محاولة صناع الفيلم لخلق موازنة فكرية بين عقائد المسيحية وعقيدة وحدة الوجود. فيلم موانا يعيد للأذهان قصة الفداء في الديانة المسيحية والشعب الذي يرزح تحت لعنة، ويبحث عن مخلص يحرره من قيود اللعنة، وتلعب الفتاة موانا دور المخلص المختار الذي يعيد الأرض وشعبها لسابق مجدهم في دور مقارب لدور موسى عليه السلام وإنقاذه لقومه بني إسرائيل مع حضور لمشهد انقسام البحر وسط أحداث القصة.
والبحر هنا يلعب دور الكائن الحي الواعي في تجسيد لمفهوم حلول الإله في الطبيعة ومظاهرها، لذلك نشاهد في أحداث الفيلم موانا وهي توجه استغاثة بالبحر لإنقاذها من العاصفة. وهناك طبعا علاقة خاصة بين موانا والبحر، فقد اختارها لإنجاز مهمة العثور على نصف الإله ماوي واصطحابه في رحلة عبر البحر لإعادة قلب (تي فيتي) إلهة البحر الذي سرقه ماوي في زمن سابق، مما أدى إلى حلول لعنة على شعب موانا، ما انعكس على رفاهيته ومعيشته.
إضافة للديانة المسيحية ما زالت العقائد اليونانية تؤثر في عقلية الشعوب الغربية وتسيطر على سلوكها، فلا يمكن فهم السلوك الديني للشعوب الغربية بمعزل عن الفلسفة اليونانية/ الرومانية، وخاصة في العقيدة المحورية عند فلاسفة اليونان، وهي عقيدة وحدة الوجود. فالكنيسة المسيحية لم تنفرد بتوجيه السلوك وصناعة الأفكار الملهمة للشعوب الغربية بل هناك وجود حقيقي للثقافة اليونانية/ الرومانية القديمة، نشاهد هذا بوضوح في مجموعة من الأعمال الفنية التي تنتجها واحدة من أهم شركات الإنتاج الفني العالمية، وهي استوديوهات «والت ديزني» الغنية عن التعريف.