التي اجترتها أيدولوجيات، الجماعات والطوائف المتطرفة والتي خلطت، بين إسلام «النص» وبين إسلام التاريخ، فلذلك وقعت في الانحراف الفكري والسياسي، فلم تفرق بين إسلام النص الثابت بالكتاب والسنة، وبين إسلام الواقع التاريخي المتمثل باجتهادات، سياسية وفقهية، فخلطت بين النص الملزم والواقع التاريخي، مما كان سببًا في الانحراف الفكري لدى الجماعات المتطرفة، ومن الأمثلة، أنهم استدلوا، واستلهموا الكثير من أدبياتهم من التاريخ الإسلامي وآراء المجتهدين، بدون تحقيق ونقد، وفرز، وجعلوا من ذلك التاريخ وتلك الآراء الاجتهادية القابلةٍ للصواب والخطأ في مصاف الأدلة القطعية من القرآن والسنة.
وحيال هذا المفهوم الإلزامي، انحرفت الجماعات المتطرفة، فقد أدخلوا المسكوت عنه، مما هو في دائر ة المباح في المنصوص عليه، وتحديدًا في مفهوم السلطة عبر الخلط بين المنصوص، عليه والمسكوت عنه، وذلك لأجل الوصول للسلطة بمفهوم الحاكمية، وذلك، بسبب عدم الفهم المنهجي الصحيح للنصوص الشرعية بدلالاتها الأصولية اللفظية، واستدلوا بالنص بعيدًا عن سياقاته النزولية التاريخية، وبعيدًا عن محمولاته اللفظية، بين العام والخاص والمطلق والمقيد، وغير ذلك من الدلالات.
ومن الأمثلة على ذلك استدلال الجماعات الإرهابية بنصوص عامة من القرآن والسنة على أن الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هي الحرب، وفي الوقت نفسه نجد تلك الجماعات تتجاهل النصوص التي تدل على أن الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هي السلم وعدم الاعتداء، لقد وقعت تلك الجماعات في هذا المأز ق بسبب عدم الجمع بين دلالات النصوص الشرعية فى الحرب والسلم.
وخلاصة القول، يجب التأكيد على العناية بمصدرية القر آن والسنة وفق قو اعد الاستدلال المعروفة عند علماء الشريعة، بعيدًا عن انحر افات الجماعات والطوائف المتطرفة المتمثلة بأدبيات وتفسيرات ما أنزل الله بها من سلطان.
اللهم أَرِنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعلنا يا ربنا ممن قلت فيهم: ﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾.