مع اقتراب نهاية كل عام، يتزايد اهتمام الناس بالتنجيم وبالتنبؤات التي يقدمها المنجمون، وأنهم كانوا قد توقعوا هذه الكوارث في نهاية العام الماضي، ومن ضمنها الحوادث المأساوية الأخيرة التي شهدها الطيران في أواخر ديسمبر من هذا العام، والتي جاءت على النحو التالي:

1 - في 23 ديسمبر تحطمت طائرة برازيلية ونتج عنها وفاة 10 أشخاص.

2 - في 25 ديسمبر تحطمت طائرة أذربيجانية ونتج عنها وفاة 38، نجاة 29.


3 - في 29 ديسمبر تحطمت طائرة كورية أسفرت عن وفاة 179، نجاة شخصين.

4 - في 29 ديسمبر تحطمت طائرة كندية نجا فيها جميع الركاب.

5 - في 29 ديسمبر حادثة طيران الخطوط الجوية الملكية الهولندية بعد انحرافها عن مدرج المطار في النرويج نجا فيها جميع الركاب.

6 - في 29 ديسمبر تحطم طائرة من طراز سيسنا سي-172 عند محاولة الهبوط في مطار شتوتجارت في ألمانيا على مسافة من المدرج، شخصان فقط كانا على متن الطائرة وقد أصيبا إصابات بالغة.

7 - في 29 ديسمبر تحطمت طائرة خفيفة تابعة لنادي الجزيرة الإماراتي للرياضات الجوية في مياه البحر قبالة سواحل إمارة رأس الخيمة في حادث أسفر عنه وفاة قائدها ومرافقه.

وكما تلاحظون في يوم واحد جاءت ست حوادث طيران. في الحقيقة ليس المنجمون وحدهم من سيقف مفسرا لهذه الحوادث بل سيقف معهم صنفان آخران وهما أصحاب العقلية المؤامراتية وأصحاب العقلية المتشددة، وعندما يترك النقص في المعلومات القاطعة فراغا واقعيا بعد حدث جلل يحتل عناوين الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي. تتسارع نظريات المؤامرة لملء هذا الفراغ ليكون السؤال: هل كل هذه الوقائع عادية، ولا تقف خلفها أي جهة أو استخبارات أو جماعات وتنظيمات؟ وهل كل هذه الأحداث عندما تأتي في يوم واحد وخلال 24 ساعة محض صدفة وليس مخططا لها؟ وبعدها يأتي أصحاب العقلية المتطرفة ولسان حالهم: هؤلاء الكفرة، كم بطشوا وطغوا وظلموا. لله جنود يسلطها على من يشاء، فعقوبات الله لا تتكلم وتخبر أنها عقوبة عند حدوث أي كارثة خاصة عندما تكون في بلاد الغرب، إذ دائما ما تنطلق في عالمنا العربي والإسلامي موجات من ردود الفعل مصاحبة لهذا النوع من الكوارث عادة، موجة هي خليط من تشف وفرح في مصائبهم ومحاولة إضفاء لمسة دينية تعزي ما حصل إلى غضب إلهي يقترب من انتقام أو نوع من أخذ الثأر من الكفار الذين يعيثون فسادا في بلاد المسلمين. أما المختصون فيشيرون إلى أهم أربعة أسباب وراء حوادث الطيران:

أولا: الأخطاء البشرية والتي قد تحدث أثناء عملية الإقلاع أو الهبوط، أو نتيجة لفشل في التواصل بين أفراد الطاقم. تلعب عوامل مثل الضغط النفسي، ضعف التدريب، أو حتى التعب دورًا كبيرًا في هذه الأخطاء.

ثانيا: المشاكل التقنية وتشمل كل الأعطال الفنية في المحركات، وأنظمة التحكم، أو حتى فشل في أنظمة الملاحة.

ثالثا: العوامل الجوية: مثل العواصف، الأمطار، الضباب، أو الرياح الشديدة.

رابعا: العوامل البيئية: وتشمل هذه العوامل الحوادث الناجمة عن الطيور، الانزلاقات على المدرج، والتأثيرات الناجمة عن الإضاءة. والكثير من المختصين يشيرون إلى أن السبب الرابع هو الأهم خاصة في ظل تكرر الحوادث في وقت معين، فهذا الوقت هو موسم هجرة الطيور وأغلب المزارع والبحيرات والأنهار والمساكن التي تكثر فيها الطيور موجودة على خطوط الطيران في كثير من الدول.

‏ختاما: من المهم أن يدرك الناس أن شيوع حوادث الطيران هو جزء من عالم الطيران، وأن الإجراءات الأمنية والتكنولوجيا الحديثة قد حدّت من المخاطر بشكل كبير. بالتالي، ينبغي التعامل مع الحوادث بحذر، والتركيز على الحقائق والإحصائيات بدلا من الاعتقاد في التنجيم والانجراف وراء عقليات المؤامرة والتشدد.