يعد خلو المنتجات أو الخدمات المقدمة للعملاء من العيوب أو الأخطاء الشائعة، هو ما يميزها بل ويصنف مستوى جودتها. كما أن مدى ملاءمة المنتج أو الخدمة للاستخدام المتكرر، وتوافقها مع المتطلبات المحددة والمصممة في مبدأ غايتها ومن أجلها، جانب آخر لا يقل أهمية عن الأول في تصنيف وقياس جودة المنتجات أو الخدمات في عالم الأعمال اليوم. وتعد الجودة عنصرا أساسيا في تحقيق رضا العملاء والتميز في الأسواق، لكن ذلك لا يأتي دون ثمن أو تكلفة. فتكلفة الجودة يمكن تقسيمها إلى أربعة أنواع رئيسة وهي، التكاليف الوقائية وتكاليف التقييم وتقييم العيوب في البيئة الداخلية والخارجية. وتسمى التكاليف الوقائية بذلك؛ فهي كل ما يتعلق بتكاليف أنشطة الجودة لمنع حدوث العيوب مثل التدريب والتخطيط للجودة وإجراءات الصيانة مثل الفحص والتفتيش كذلك السلامة. أما فيما يتعلق بتكاليف التقييم، فهي تلك التكاليف التي ترتبط بأنشطة فحص وضمان وتقييم الجودة مثل الاختبارات على سبيل المثال. أما في النوع الثالث من تكاليف الجودة وعلى مستوى البيئة الداخلية، فهي تلك التكاليف الناجمة عن العيوب التي يتم اكتشافها وذلك قبل استفادة العميل من المنتج أو الخدمات ومثالها تكلفة إعادة العمل. أما النوع الرابع من تكاليف الجودة فهي تلك التكاليف التي ترتبط بما بعد وصول المنتج إلى العميل والاستفادة منه على سبيل المثال، وأمثلتها تكاليف الإصلاح والاستبدال في المنتجات ومعالجة الشكاوى. تحليل تكاليف الجودة له أهمية كبيرة في إدارة وتصميم وتطوير وتحسين عمليات الأعمال بل وتحسين أدائها، وتعتمد أهميتها بأنها لا تقتصر على العد وليس للحصر أولا تحديد مجالات التحسين من خلال تحليل تكاليف الجودة، إذ تستطيع المنظمات تحديد الأنشطة والعمليات التي تتسبب في تكاليف عالية بسبب العيوب أو الفشل وبذلك يمكنها اتخاذ إجراءات محددة للتحسين. ثانيا: رفع الكفاءة والجاهزية وتقليل التكاليف في آن معا وذلك بتحديد الأنشطة والعمليات غير الفعالة أو الباهظة في تكاليفها مما يمكن المنظمات من تحسين عمليات الأعمال الداخلية، والذي يؤثر بطبيعة الحال على تقليل التكاليف الإجمالية بشكل ملحوظ. ثالثا: تحسين رضا العملاء من خلال تقليل العيوب وتحسين جودة المنتجات أو الخدمات مما يمكن المنشآت والمنظمات من رفع رضا عملائها بل والاحتفاظ بهم. رابعا: تعزيز التنافسية الدولية، فالتمتع والاستحواذ على الجودة العالية والتكاليف المنخفضة يمكن المنظمة أو المنشأة من الاستمرار في المنافسة والبقاء بل ويعطيها القدرة على تحقيق الميزة التنافسية في الأسواق العالمية. خامسا: دعم واتخاذ القرارات القائمة على البيانات، إذ يؤثر تحليل تكاليف الجودة على المنظمات بشكل مباشر فالمنظمات التي تعتمد على البيانات في اتخاذ القرارات يجعلها قادرة على الاستثمار في تحسين وتطوير الجودة بشكل أكثر وضوحا.

ومن أهم تطبيقات تحليل تكاليف الجودة على المنشآت والمنظمات -في تحسين عمليات الأعمال ورفع مستويات رضا العملاء وتقليل التكاليف الإجمالية وخفضها على المدى البعيد بل وتحسين جودة المنتجات والخدمات المقدمة بشكل عام- التخطيط للجودة والتدريب والتعليم ومراجعة التصميم وتقييم قابلية الاستخدام المتكرر وضمان ملاءمة الاستيفاء للمتطلبات من خلال التحقق قبل مراجعة الإنتاج أو التدشين والإطلاق، كذلك المراجعة الشاملة لسلاسل التوريد وتقييم واختبار مصادر التوريد والإمداد ومدى توفر موارد ذات جودة عالية تسهم في ضمان التوريد. علاوة على ذلك، إن الفحص والاختبار والتفتيش الدوري والمستمر في كل مراحل التصاميم الأولية سواء كان ذلك للمنتجات أو الخدمات وقبل الإنتاج أو التدشين والإطلاق تتطلب ضمان مطابقة المعايير لها، والتأكد من مدى الدقة وسلامة التجهيزات والمعدات المستخدمة في تنفيذها وإنتاجها. كذلك إن المراجعة الدورية لإجراءات الامتثال واستمرار الالتزام بمعايير الجودة، يحافظ على مرونة استدامتها وتحسينها وتطويرها، بل تسهم كذلك في بناء اقتصاد مستدام قائم على خفض التكاليف وكفاءة الإنفاق وتعزيز اقتصادات الجودة. إنه وعندما يتعلق الأمر بالجودة فإنه قد يتكون لدى المتلقي للوهلة الأولى ما لا يتلقاه آخر، كذلك الأمر فيما يتعلق بتكلفة الجودة ومع ذلك، يدرك الجميع ما هو المقصود بتكاليف القيام بعمل متميز أو إجراء تحسينات تتعلق برفع مستويات الجودة، وتحقيق الأهداف بعناية بحيث يكون التأثير طويل الأجل للمنظمة أو مستداما فذلك ما يجعله مرغوبا لا سيما فيما يتعلق بـالتشغيل والأداء. إذ يجب أن تكون هذه التكاليف أحد المعايير في عمليات القياس الحقيقية لجهود الجودة، ويتم تحديدها بشكل أفضل من خلال تحليل تكاليف الجودة. ويوفر تحليل تكلفة الجودة أسلوبا لتقييم فعالية إدارة الجودة ووسيلة لتحديد مجالات المشاكل والفرص وأولويات العمل.

لكن القاعدة العامة هنا هي أن تكاليف الجودة الرديئة في منظمة ريادية ما ستكون حوالي 10-15 % من إجمالي تكلفة العمليات. والبعض الآخر يصل إلى 40 % من إجمالي تكلفة العمليات التشغيلية. ويمكن لبرامج تحسين الجودة الفعالة أن تقلل من هذا بشكل كبير، وبالتالي المساهمة المباشرة في الأرباح. شريطة أن يصبح نظام تكلفة الجودة بمجرد إنشائه، ديناميكيا وأن يكون له تأثير إيجابي على تحقيق مهمة المنظمة وأهدافها الإستراتيجية لتحقيق الريادة. وذلك بتحديد منهجية تسمح للمنظمة بتقييم جودة منتجات أو خدمات المنظمة، وبالتالي تجنب الإخفاقات الداخلية والخارجية. فتكلفة الجودة سواء كانت تكلفة مباشرة أو غير مباشرة، أم كانت تكاليف وقائية أو تكاليف الفشل أو كانت تكاليف تقييم فإن تطبيق نظام لإدارة الجودة بشكل فعال من شأنه تحقيق كفاءة أعلى في استخدام الموارد، بل تحسين استخدام الموارد وتعزيز الاستدامة. فتطبيق هذه الإستراتيجيات يمكن أن يساعد في تحقيق توازن بين الجودة والاستدامة، مما يؤدي إلى تحسين الأداء العام للمنظمات الريادية، بل كذلك الأمر مع تحسين جودة الخدمات وخفض النفقات الإجمالية للمنظمة.