وخلال سنواتٍ قليلة، تحوّل مفهوم «الخدمات الرقمية» من فكرةٍ مستجدّةٍ إلى ركنٍ أصيلٍ في عمل قطاعات الدولة كافة. وقد بدأت رحلتنا الرقميّة بالتركيز على تطوير المعاملات والإجراءات الحكومية، مستفيدةً من مبادراتٍ نوعيةٍ سهّلت حياة الأفراد ورفعت كفاءة المؤسسات. وفي هذا الإطار، ظهر دور المنصّات الإلكترونية الحديثة كـ«أبشر» و«توكلنا»، وسرعان ما حققت هذه المنصّات نجاحًا كبيرًا مكّن المستخدمين من إنجاز العديد من الخدمات بطريقةٍ مبتكرةٍ وآمنة.
وأبرز ما ميّز هذا العام هو التوسّع الملحوظ في نشر شبكات الجيل الخامس على مستوى المدن الرئيسة، إذ مثّل ذلك قفزةً تقنيةً مقارنةً بما كان عليه الحال في السابق.
أتاح هذا الإنجاز الفرصة لظهور تطبيقاتٍ جديدةٍ في الواقع المعزّز والحوسبة السحابية والروبوتات، كما دعم جهود توسيع نطاق الذكاء الاصطناعي الذي أصبح حاليًا جزءًا أساسيًا من منظوماتنا الخدمية والاقتصادية. ولعلّ الأرقام الرسمية خير دليلٍ على توجّه بلادنا نحو الأمام، إذ تؤكد مدى التقدّم السريع في البنية التحتيّة والحرص المستمر على بناء مستقبلٍ رقميٍّ ذكي.
ولم تتوقف هذه النهضة الرقمية عند حدود الداخل، بل امتدّت آثارها إلى الساحة العالمية، إذ تتصدّر بلادنا اليوم مؤشرات البيانات المفتوحة والخدمات الرقمية، إلى جانب احتلال مراكز رياديةٍ في مجال الذكاء الاصطناعي. وما يعزز حضورنا الدولي استضافة الرياض للقمة العالمية للذكاء الاصطناعي، حيث شهدت توقيع عشرات الاتفاقيات والشراكات مع جهاتٍ دوليةٍ مرموقة، ما جعل بلادنا العظيمة محط أنظار العالم بوصفها حاضنةً للمبتكرين والشركات الناشئة، وقائدةً لمسيرة البحث والتطوير على المستويين الإقليمي والدولي.
ولئن كان التطوّر في البنية التحتية والاتصالات محط الأنظار، فإن تعزيز الحكومة الإلكترونية لا يقل أهمية، إذ صعدت بلادنا مراتب عدّة في مؤشر الأمم المتحدة لتطوّر الحكومة الإلكترونية خلال فترةٍ وجيزة، كما حقّقت عاصمتنا «الرياض» موقعًا متقدّمًا عالميًّا في تقديم الخدمات الرقمية. أسهم ذلك في إحداث نقلةٍ نوعيةٍ في حجم المعاملات الإلكترونية وعمليات الدفع الرقمي، ليتحوّل اقتصادنا المحلي إلى منظومةٍ متكاملةٍ من الابتكار المالي والتجاري.
وفي خضمّ هذه المنجزات، لا بدّ من الإشادة بالدور المحوري الذي قدّمته قيادتنا الحكيمة؛ فلولا الرؤية السديدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وللنهج الطموح لسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز –حفظهما الله–، لما وصلنا إلى هذا المستوى الرفيع من التقدّم التقني والتطوّر الرقمي. لقد كانت دعوتهما الدائمة لاستثمار العقول الشابة والطاقات الوطنية هي الأساس في تحقيق هذه القفزات الكبرى، والعمل على فتح آفاقٍ جديدة تواكب العصر وتستشرف المستقبل.
ومع اقتراب نهاية عام 2024، تبدو بلادنا العظيمة أشد عزمًا على المضيّ قُدُمًا في مسيرة النهضة الرقمية، واضعةً الابتكار والتقنية في قلب خططها التنموية. هكذا نغلق صفحة هذا العام ونحن أكثر يقينًا بأن رؤيتنا ليست مجرّد أحلام أو عباراتٍ إنشائية، بل هي واقعٌ ماثلٌ يتعزّز كل يومٍ بمنجزٍ جديد، ويؤسّس لمكانةٍ عالميةٍ تليق بمكانة بلادنا في عالمٍ يقود فيه التفوّق التقني مسيرة التقدم والازدهار. دامت السعودية شامخة.