في أعماق النفس يسكن خصم لا يُرى، ولكنه حاضر بقوة، يرافقنا في كل خطوة، يهمس في آذاننا، ويعيد تشكيل مواقفنا دون أن ندري. حكمة قديمة تقول: «احذر الشيطان مرة واحذر نفسك مرتين»، وكأنها تهمس لنا أن أعتى المعارك لا تُخاض في ميادين الحياة، بل في دهاليز الروح.

عندما نتأمل مجريات الحياة، ندرك أن التحديات الخارجية رغم قسوتها أقل شراسة مما يختبئ داخلنا. كم مرة واجهتنا الرياح العاتية، فوقفنا بثبات؟ وكم مرة ألقت بنا الحياة أرضًا، فنهضنا بإصرار أقوى؟ ولكن الأصعب من ذلك كله هو تلك اللحظات التي نجد فيها أنفسنا في مواجهة صامتة مع أفكارنا، مع رغباتنا، ومع أصوات داخلية تسحبنا للوراء.

النفس ليست دائمًا صديقًا وفيًا، فهي تزرع فينا التردد في لحظات الحسم، وتُزين لنا الكسل حينما يكون العمل هو الطريق الوحيد للنجاح.


إن معارك النفس ليست كغيرها، فهي حربٌ لا مدفع فيها ولا رصاصة، بل صراع بين ما نطمح إليه وما يثقل خطانا. حينما تواجه نفسك بصدق، تدرك أنك لست ضحية للآخرين أو الظروف، بل أسير أفكارك، وأن القيود التي تمنعك من المضي قُدمًا ليست سوى وهم صنعته يداك.