هناك شيء تغفل عنه الغالبية وهي أن الموارد البشرية تصنع الحضارة وتصنع التنمية، وهي أيضا مسؤولة عن نهضة الأمم.

الزواج في زمننا الحاضر أصبح فرضا على كلّ ذي لب، فالزواج هو القلب النابض للبشرية والقلب النابض للحضارة والتنمية، فلا توجد أمة قامت بعدد قليل من الأشخاص. الزواج ليس فرحا فقط، وليس أيضا استقرارا للفتيات والفتيان؛ بل فوائد الزواج أبعد من ذلك، الزواج تنمية حضارية، و سد منيع لشرورٍ عديدة يصعب تفصيلها.

إليكَ خير مثال على ذلك ما يحصل في ألمانيا، حيث عزوف الشباب والشابات عن الارتباط أو الاكتفاء بابن أو ابنين في كنف العائلة، وهذا ما جعل الجيل الجديد أقل كثيرا من الجيل القديم.


سبقت أمريكا ألمانيا في هذا الشيء وجعلت باب الهجرة مفتوحا على مصراعيه.

كما أن نقص الأبناء للفرد الواحد مؤثر أيضا، فعندما يتجاوز الأب والأم الستين من العمر ولديهما عدد قليل من الأبناء «قد سرقتهم الدنيا في مشاغلها»، فإنهم بذلك سيكونون عرضة للوحدة، ولا يجدون من يؤنس وحشتهم أو يقوم باحتياجاتهم، لكثرة مشاغل أبنائهم، ولأن أبناءهم عزفوا عن الزواج فهم بذلك لا يجدون أحفادا يشغلون يومهم، وهذه هي المعضلة بكل بساطة.

لذا يجب أن نجد حلّا يرغب الشابات والشباب في الزواج، كما يجب أن نجد حلّا لترك جميع المظاهر الخداعة التي تقصم ظهر كلّ طالب للحلال، وتجعل الفتيات حبيسات لبيوت آبائهم، ويكمن الحل ببساطة في العودة إلى الماضي الجميل عندما كان يتزوج الفرد بأبسط الإمكانيات، وكان أبو الزوجة لا يبحث عن دخل الزوج بل كان يبحث عن استقامته وسمعته فقط.

الحل لذلك هو التغيير الديناميكي لتفكير المجتمع عن الزواج، ومعرفة أن الزواج ضرورة وليس رفاهية، والتمسك بقوله صلى الله علية وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»، ليس من ترضون دخله أو ترضون حسبه ونسبه، أو ترضون انصياعه لما تريدون.

رسالتي للآباء والأمهات هي: حثّوا أبناءكم وبناتكم على الزواج بأقل القليل حتى وإن كانوا لا يملكون شيئا، فقد كفل عز وجل برزقهم كما رزقكم، الزواج عفّة لأبنائكم وحماية من الضياع والتغرير، الزواج حماية لبناتكم من الاكتئاب، تذكروا ذلك جيدا، وقفوا لتغيير قواعد ما أنزل الله بها من سلطان قبل أن يُدق ناقوس الخطر.