خلال عام 2025 تحتفل المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية بمرور 35 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وهي مسيرة حافلة بالإنجازات والشراكات التي جعلت من هذه العلاقة نموذجًا يُحتذى به في التعاون الدولي، منذ توقيع اتفاقية إقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 1990، تمكنت الرياض وبكين من بناء شراكة إستراتيجية شاملة أسهمت في تعزيز المصالح المشتركة ودعم الاستقرار الإقليمي والدولي.

رغم حداثة العلاقات الدبلوماسية، فإن الروابط بين الشعبين السعودي والصيني تعود إلى قرون خلت، حين كانت طرق التجارة القديمة، مثل طريق الحرير، جسورًا للتواصل الثقافي والتجاري بين الحضارتين.

هذه الروابط التاريخية أُعيد إحياؤها في العصر الحديث لتصبح أساسًا متينًا لشراكة شاملة ومتنامية، في بداية هذه العلاقة، ركزت الشراكة على المصالح الاقتصادية المشتركة، حيث أصبحت الصين الوجهة الرئيسية للصادرات النفطية السعودية، ومع مرور الوقت، تطورت هذه العلاقة لتشمل مجالات أكثر تنوعًا مثل التكنولوجيا، البنية التحتية، والطاقة المتجددة، لتصبح الصين اليوم أكبر شريك تجاري للمملكة.


تمثل العلاقات الاقتصادية بين السعودية والصين العمود الفقري للتعاون الثنائي، إذ تُعد السعودية أكبر مورد للنفط إلى الصين، ما يجعلها شريكًا رئيسًا في تحقيق أمن الطاقة لبكين، في المقابل تسهم الشركات الصينية في مشروعات كبرى ضمن رؤية المملكة 2030، مثل مشروع نيوم والطاقة الشمسية، ما يعزز من التكامل الاقتصادي بين البلدين، ولا يقتصر التعاون الاقتصادي على الطاقة فقط، بل يمتد إلى البنية التحتية والنقل والتكنولوجيا، وتُعد مبادرة «الحزام والطريق» الصينية ورؤية المملكة 2030 عاملين متكاملين يدعمان التنسيق بين الجانبين لتحقيق أهدافهما المشتركة.

على الصعيد السياسي، شهدت العلاقات السعودية الصينية قفزة نوعية في عام 2016، عندما أعلن البلدان عن إقامة شراكة إستراتيجية شاملة، هذا الإعلان يعكس التزامًا مشتركًا بالتعاون في قضايا إقليمية ودولية مثل مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، كما يعكس هذا التعاون تطلع البلدين إلى تنسيق جهودهما في المحافل الدولية، حيث تدعم الصين موقف المملكة في القضايا الإقليمية، بينما ترى الرياض في بكين شريكًا موثوقًا يسهم في تحقيق الاستقرار الدولي.

العلاقات السعودية الصينية لا تقتصر على المصالح الاقتصادية والسياسية، بل تمتد إلى التعاون الثقافي والتعليمي.

فقد شهدت السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في برامج التبادل الثقافي والتعليمي بين البلدين، كما أنشئت برامج لتعليم اللغة الصينية في الجامعات والمدارس السعودية، وتم تعزيز التعاون الأكاديمي من خلال تبادل الطلاب بين البلدين، إضافةً إلى ذلك، تسهم القمم الثقافية مثل القمة العربية الصينية في تعزيز التفاهم الحضاري بين الجانبين، ما يعكس الاهتمام المشترك بتعميق الروابط الثقافية بين الشعبين.

تشكل هذه العلاقات نموذجًا للتعاون الشامل والمتكامل، ما يجعل الاحتفال بمرور 35 عامًا على العلاقات السعودية الصينية ليس مجرد ذكرى دبلوماسية، بل محطة لتعزيز التعاون بين بلدين يسعيان معًا لتحقيق مستقبل لشعبيهما أكثر ازدهارًا واستقرارًا.