وأصبح بعض وسائل التواصل والإعلام الرقمي أدوات لنشر إدعاءات لأشخاص، يقولون عنها دراسات تاريخية حديثة، لكنها في الو اقع لا تستند على مصادر صحيحة، وتفتقر لمراجع موثوقة، وأقل ما يُقال عنها روايات ملفقة، وتخرصات تحمل في طياتها أهدافاً خبيثة، تُحرض على المطالبة بأوهام تاريخية ليس لها وجود إلا في مخيلة مستشرق كاذب، أو مؤرخ حاقد أو ناقل جاهل.
ويتساءل الناس عن فائدة نشر مثل هذه الإدعاءات، من أشخاص يسعون للشهرة والأضواء، بينما كتب تاريخية معروفة منذ قرون لم تأت بمثل ما نشروه اليوم من خرافات.
فمن يصدق أن قصة النبي موسى عليه السلام جرت أحداثها في بلاد غير مصر؟ وهل يقبل إنسان متعلم عاقل رواية تاريخية تزعم أن المسجد الأقصى ليس هو الذي في فلسطين وإنمافي مكان آخر؟ وهل تنطلي على العقل تشابه أسماء قرى ومعالم جغرافية لأقوام بادوا من قرون ليتم إسقاطها بكل بلاهة على مدن وقرى بعيدة كل البعد عن تلك المواقع؟ ومتى كانت الأسماء المتشابهة ثوابت قاطعة يتم الاعتماد عليها كمعلومة تاريخية؟
لست ادعوا إلى التضييق على الباحثين المؤرخين ممن يتقصون ويطبقون المنهج العلمي في صحة الروايات، ولكن يبقى السؤال الذي يحتاج إلى إجابة صريحة من مؤرخينا الأكفاء، لماذا لا يردون على كل من يستبيح حرم التاريخ، بنشره معلومات تاريخية غير موثقة تعتمد على الأساطير؟
وقد حاول أناس من قبل وخابت مساعيهم ولا زلنا نتذكر كمال الصليبي وتخرصاته التي ماتت من وقتها ودُفنت في مزبلة التاريخ.
يقول أحمد المنزلاوي في كتابه للتاريخ أقوال أخرى: لقد أصبح تاريخنا - مع الأسف- بلا حرم، يرتع فيه كل قلم ولسان دون دراية أو دربة أو معرفة، ونزل ميدانه من لا يجيد النِزال، وسَبح وسط أمواجه من لا يُحسن السباحة، لتخرج لنا كتابات وأقوال كهُموم العوام، تدمي القلب، لكنها تُضحك الثغر، وتتندر بذكرها الأسماع.