مع نهاية كل عام تبدأ قصة التقييم السنوي للموظفين، والقليل من ينصف موظفيه في هذه المرحلة، ليس رغبة من مدير الإدارة، ولكن على حسب ما تفرضه إدارة الموارد البشرية. هناك حقائق في مكان العمل، فعلى سبيل المثال ليس كل سرقة هي سرقة المال، ولكن هناك سرقة المجهود والبهجة والأمل. إنكار جهد الموظف طيلة عام كامل، وعدم تقديره بالتقييم الذي يراه رئيسه مناسبا يعدان سرقة في حق الموظف. إذا غلبت المعايير الشخصية المزدوجة، التي هي في الأساس مبنية على المصالح والقناعات الشخصية، على معايير العدل والإنصاف والمنطق، فليس من المتوقع أن يُنصف الموظف المجتهد. من قواعد العمل، التي يجب أن تكون في عين الاعتبار من واقع تجربة، هو أن يحاسب الموظف على عدد ساعات العمل التي قضاها بلا إنجاز فعلي ولا إنتاجية، ولا يحاسب الموظف على الخروج قبل الوقت المحدد وهو قد أنجز كل المهام.

أيضا عندما يخطئ الموظف المتميز بالعمل يجب أن تكون هناك مراعاة لتاريخه العملي، الذي يشهد له بالتميز عن غيره، ليست محاباة له، ولكن تقدير لجهوده الماضية.

سبق أن كتبت عن الاحتراق الوظيفي في بيئة العمل، وفي مقالي هذا أؤكد سلبية الضغوط في بيئة العمل. تشير دراسة عن ضغوط العمل من الجمعية الأمريكية لعلم النفس إلى أن الضغوط في بيئة العمل تؤدي إلى تراجع أداء الموظفين وزيادة الغياب، مما يؤدي إلى تدهور بيئة العمل، وخسارة الموظفين الأكفاء، وزيادة التوتر، ونقص التفاعل، واحتراق الموظف وظيفيا، وهذا ما تعانيه غالبية الشركات في القطاع الخاص، من التسرب الوظيفي إلى خلق بيئة طاردة للكفاءات، وفي المقابل ستصبح بيئة غير منتجة ومنافسة، وتسودها ثقافة «أنا سأعمل بأدنى طاقتي الإنتاجية».


للأسف أصبح التقييم السنوي للأداء الوظيفي في العديد من بيئات العمل يشكل عبئًا بدلا من أن يكون محفزًا، خصوصًا إذا لم يتم تحقيق العدالة في التقييم، أو إذا تم تجاهل الجهود التي بذلها الموظف. كما أن تقليص المصروفات قد يؤدي أحيانًا إلى انحراف التقييم عن هدفه الأساسي الذي يطمح الموظف لتحقيقه. ومن المعروف أن المدير قد يكون مجبرًا على اختيار نسبة محددة من الموظفين للتقييم، مما يؤثر سلبيا على دقة التقييم وموضوعيته.

نجاح بيئة العمل من نجاح الإدارة، فالقائد الناجح يهتم بالدعم المعنوي للموظفين، ويسند المهام لكل موظف حسب كفاءته، بعكس الإدارة التي غالبية اجتماعاتها سلبية، ولا تحفز الموظفين، وتذكر مشاكل الشركة التي قد تكون أكبر من قدرة الموظف على حلها.

أيضا لا ننسى ذلك الموظف السلبي، الذي لا يهتم ولا ينجز في يومه ولا ساعة واحدة، وغالبا ما يجد فرصا من الإدارة للتطوير، والاهتمام بحضوره وغيابه، وتشجيعه إن حضر ونقده إن غاب، بعكس الموظف الذي يحضر وينجز طول العام حتى أنه أصبح كروتين في يوم المدير، وأن عمله هذا من غير ثناء ولا شكر، ولو غاب يوم واحد انقلبت الموازين وبدأ التذمر. هذه للأسف منتشر وبكثرة، لذا أصبح توجه الكثير من الموظفين الإهمال واللامبالاة، ومن ثم البحث عن فرص أخرى.