لقد اعتاد وطني أن يتألق في سماء التميز والنجاح، حيث كان رائداً في تنظيم مجموعة متنوعة من الفعاليات الثقافية والفنية والاجتماعية والاقتصادية. والآن، يترقب العالم بأسره بشغف حماسي أكبر حدث رياضي عالمي في عام 2034 م، حيث يتشرف وطني باستضافة 48 منتخباً من مختلف أنحاء المعمورة في مملكة الحزم والعزم، في تجمع غير مسبوق لدولة منفردة بالاستضافة.
ماذا يعني لنا، نحن المواطنون والمقيمون على هذه الأرض النقية؟ إن هذا الحدث الرياضي العظيم ليس مجرد مصدر فخر واعتزاز، بل هو أيضاً نقطة انطلاق نحو تعزيز الاقتصاد والثقافة على الصعيد العالمي. إنه يعكس صورة حقيقية عن مجتمعنا المشرق المعروف بكرمه وسخائه وحبه للمبادرات التطوعية. نحن، ولله الحمد، جاهزون لاستقبال هذه التظاهرة الرياضية العالمية. فقد سبقتها تنظيمات مميزة مثل كأس العالم للأندية في جدة العام الماضي، وسيتبعها تنظيم كأس الأمم الآسيوية في عام 2027، ثم إكسبو في عام 2030. إن جميع هذه الفعاليات تمهد الطريق لكأس العالم الأكثر اهتماماً في تاريخ الرياضة.
خمس مدن تتحضر بشغف لاستقبال المباريات في 15 ملعباً، بدءاً من العاصمة الرياض وصولاً إلى عروس البحر الأحمر جدة، مروراً بعروس الجنوب أبها وجنة الخليج الخبر، وصولاً إلى الوجهة العالمية السياحية الجديدة نيوم. ستستضيف هذه المدن المباريات بقلوب ملؤها الحماس، ولكن لن تكون وحدها، بل ستبقى بقية مدن المملكة على أتم الاستعداد لاستقبال المنتخبات وإقامة المعسكرات فيها.
نحن في انتظار لحظة مميزة لهذا الحدث الجليل الذي سيعود بالفائدة على الوطن والمواطنين والمقيمين. ولا شك في أن القائمين على الأمر يسعون جاهدين لتسريع وتيرة الإنجاز.
ومع ذلك، فإن هذه العناصر التي تبدو وكأنها تعكس احتفالية باذخة وبُعدًا سياحيًا وترويجيًا، ليست هي الإنجاز الأبرز الذي ستحصده المملكة بعد عشر سنوات؛ وهو العام الذي سيشهد انطلاق بطولة كأس العالم 2034 م.
في تصورنا، الرهان الأبرز الذي يضعه وطننا نصب عينيه هو تحقيق قفزة نوعية شاملة في كافة الأصعدة، بدءًا من المجالات الاقتصادية والسياسية، وصولاً إلى الثقافية والحضارية. صحيح أننا قد سبقنا غيرنا في تنظيم كأس العالم، وآخرها كان كأس عالم بالدوحة عام 2022 م، الذي اتفق الخبراء على أنه قد حقق نجاحًا غير مسبوق في التنظيم والاستضافة. ومع ذلك، فإننا نسعى جاهدين لتحقيق إنجاز يفوق ما حققته الدورات السابقة.
انطلاقًا من الأمنيات التي نؤمن بقدرتنا المطلقة على تحقيقها، فإن الاستعداد لتنظيم كأس العالم 2034 م، بعد عشر سنوات من الآن، يُعدّ جزءًا من الاستراتيجية الطموحة التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد، الذي حفظه الله ورعاه، من خلال مبادرة مستقبل الاستثمار التي أُقيمت في الرياض عام 2018 م. فقد أكد سموه في ذلك الحين أن الشرق الأوسط هو أوروبا الجديدة، وقد نال هذا التصريح اهتمامًا عالميًا واسعًا، مما جعل وسائل الإعلام تؤكد مصداقية المملكة ورؤية قيادتها الحكيمة والعقلانية والواقعية.
ولا شك في أن الحدث المنتظر سيكون حجر الأساس لصرحٍ تنموي وسياسي وحضاري بدأنا في بنائه، وسنسارع الخطى نحو إنجازه، لنكون بعد سنوات قليلة على موعد استثنائي مع التاريخ.