في عصرنا الرقمي بات مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي يتمتعون بتأثير كبير في الرأي العام وسلوكيات المجتمع، ما أتاح لهم أدوارًا غير مسبوقة في العديد من المجالات. لكن هذا النفوذ أثار الكثير من الجدل خاصة في قضايا جمع التبرعات والديات، فقد أضحى البعض يستغل شعبيته الرقمية لتوجيه حملات ظاهرها الخير لكنها قد تخفي وراءها أهدافًا غير واضحة أو تخلو من الشفافية.

الأبعاد السلبية للظاهرة

تشهد منصات مثل “سناب شات” وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي تزايدًا في حملات التبرعات التي يقودها مشاهير حيث تستغل المنصات الرقمية لخلق ضغوط اجتماعية خاصة في قضايا "الديات القبلية".


هذا المشهد يتشابك مع الحمية القبلية التي تدفع الأفراد والجماعات للمساهمة تحت وطأة التأثير العاطفي والخوف من المواقف المستقبلية. لكن التحديات المحيطة بهذه الظاهرة ليست محدودة ويمكن تلخيصها فيما يلي:

1- غياب الشفافية:

العديد من الحملات تُطلق دون تقديم أي أدلة واضحة أو تقارير توضح كيفية حدوث المشكلة التي بسببها جمعت الأموال لعتق رقبته.

2- ضعف الرقابة الرسمية:

غياب التدقيق من الجهات الحكومية يفتح الباب أمام الاستغلال والاحتيال.

3- استغلال الحمية القبلية:

يتم الاعتماد على الولاءات الاجتماعية والقبلية، لإجبار الأفراد على التبرع بغض النظر عن مدى عدالة القضية.

الحلول المقترحة للظاهرة

للحد من هذه الظاهرة ومن تداعياتها السلبية، لا بد من اتخاذ خطوات جدية ومتكاملة تتضمن:

1- تشريعات صارمة لتنظيم حملات التبرعات من خلال إصدار قوانين تمنع جمع التبرعات إلا عبر جهات مرخصة ومعتمدة مثل المنصات الرسمية الحكومية.

فرض عقوبات مشددة تشمل الغرامات والسجن على مخالفي هذه القوانين.

2- تعزيز الرقابة والإشراف الحكومي في إنشاء هيئات مختصة لمتابعة حملات التبرعات على وسائل التواصل لضمان شفافيتها ومصداقيتها، بإلزام المشاهير تقديم تقارير رسمية عن حملاتهم ومصير الأموال التي جمعوها.

3 - التوعية المجتمعية بمخاطر التبرعات غير الموثوقة، مع إطلاق حملات توعوية عبر الإعلام والمنصات الرقمية لتثقيف الأفراد بأهمية التحقق من مصداقية أي حملة قبل التبرع، وتشجيع الناس لاعتماد على القنوات الرسمية والمصرح بها.

4- تنظيم جمع الديات عبر آليات قضائية رسمية، عبر اشتراط تقديم وثائق قضائية رسمية تُثبت عدالة القضية التي تجمع الديات من أجلها.

نشر صكوك القضية خصوصًا في عتق رقبة عبر الديات لضمان شفافية التبرعات أمام المجتمع.

5- تقييد حملات التبرعات بمنصات مرخصة

من خلال اقتصار حملات جمع الأموال على المنصات التي تخضع للرقابة الحكومية لضمان النزاهة والمساءلة.

6- محاسبة المشاهير المضللين

تحميل المسؤولية القانونية لأي مشهور يثبت استغلاله لحملات التبرع في تحقيق مكاسب شخصية، و حظر أي شخصية تورطت في قضايا احتيال من قيادة حملات تبرع مستقبلاً.

النتائج المتوقعة لتطبيق الحلول:

يمكن أن يحقق تطبيق هذه الحلول مجموعة من النتائج الإيجابية، أبرزها:

1- تعزيز ثقة المجتمع: الحملات المنظمة ستُعيد الثقة بين الناس والجهات الرسمية، ما يزيد من فعالية التبرعات للأغراض النبيلة.

2- الحد من الاستغلال والاحتيال:

وفرض الرقابة والتشريعات سيقلل من محاولات الاستغلال المالي أو الاجتماعي.

3- تعزيز الشفافية والمساءلة:

التزام المشاهير والمنصات بتقديم تقارير واضحة عن الحملات، سيعزز ثقة الجمهور ويقلل من الشكوك.

4- ضمان عدالة قضايا الديات:

ستُجمع الأموال فقط في القضايا التي تستحق،ما يحد من استغلال هذه القضايا لأهداف غير أخلاقية.

5- رفع الوعي المجتمعي:

ستُسهم الحملات التوعوية في خلق مجتمع أكثر وعيًا بمخاطر التبرعات العشوائية، وأكثر انخراطًا في التبرع المسؤول.

وأوكد ان ظاهرة " مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي" و" حسابات القبائل" في " سناب شات" لجمع التبرعات لعتق الرقاب، تتطلب معالجة فورية وحازمة لحماية المجتمع من الاستغلال، وضمان أن تكون التبرعات وسيلة لدعم القضايا الإنسانية النبيلة فقط، من خلال التشريعات الدقيقة والرقابة المحكمة والتوعية الفعالة التي يمكن عبرها إعادة تنظيم هذه الساحة بما يخدم المصلحة العامة، ويضمن تحقيق العدالة والشفافية.

لنكن أكثر وعيًا، التبرع مسؤولية والثقة تبدأ من الجهات الموثوقة، لا نسمح للنيات الحسنة أن تُستغل، ولنكن نحن صُناع التغيير الإيجابي.