وقد أثار انهيار حكم عائلة الأسد، الذي استمر أكثر من نصف قرن، في الأسبوع الماضي، مخاوف جديدة من عدم الاستقرار والاضطرابات في منطقة متقلبة غارقة في الصراع، لذا ذكر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أن هناك إجماعا واسع النطاق بين الشركاء الإقليميين على أن الحكومة السورية الجديدة يجب أن تكون شاملة، وأن تحترم حقوق المرأة والأقليات، وأن ترفض الإرهاب، وأن تؤمن وتدمر مخزونات الأسلحة الكيميائية المشتبه بها من عهد الأسد.
تحديات العملية
وذكر بلينكن، في اجتماع مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا جير بيدرسون، عن التحديات التي تواجه سوريا، وقال «تصميمنا على العمل معًا لدعم عملية انتقالية بقيادة سورية، حيث تلعب الأمم المتحدة دورًا حاسمًا، وخاصة عندما يتعلق الأمر بتقديم المساعدة وحماية الأقليات».
واتفق بيدرسون مع هذا الرأي، قائلًا: «إن ما هو بالغ الأهمية في سوريا هو أن نرى عملية سياسية موثوقة وشاملة تجمع بين كل المجتمعات في سوريا. والنقطة الثانية هي أننا بحاجة إلى التأكد من عدم انهيار مؤسسات الدولة، وأن نحصل على المساعدات الإنسانية في أسرع وقت ممكن. وإذا تمكنا من تحقيق ذلك، فربما تكون هناك فرصة جديدة للشعب السوري».
سبل الدعم
وقالت وزارة الخارجية الأردنية، إن الوزراء «سيناقشون سبل دعم العملية السياسية الشاملة التي يقودها السوريون لتحقيق عملية انتقالية»، والتي «تضمن إعادة بناء مؤسسات الدولة السورية، وتحافظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها وسيادتها وأمنها واستقرارها وحقوق جميع مواطنيها».
تحليلات حول الوضع في سوريا:
سيناريوهات المستقبل:
السيناريو الليبي
دخول البلاد في نزاعات داخلية بين الفصائل المسلحة، مما يطيل أمد الأزمة.
السيناريو الجنوب إفريقي
مصالحة وطنية شاملة بدعم دولي وإقليمي لإعادة بناء الدولة وتحقيق انتقال هادئ للسلطة.
الحكومة التوافقية
تشكيل حكومة انتقالية تضم القوى الفاعلة، مع تعزيز دور المجتمع المدني.
الدور الدولي والإقليمي:
روسيا تسعى للحفاظ على نفوذها في الساحل السوري من خلال مجلس الأمن.
تركيا قد تستغل ضعف النفوذ الإيراني لتوسيع دورها في شمال سوريا.
الدول العربية يُتوقع منها المساهمة في دعم إعادة الإعمار وضمان وحدة الأراضي السورية من خلال خارطة طريق سياسية.
فرص إعادة الإعمار:
تفاؤل بإمكانية بدء عملية إعادة بناء اقتصادية بدعم من الاتحاد الأوروبي والدول العربية، شرط تحقيق الاستقرار السياسي وإبعاد المتطرفين.
أبرز التحديات التي تواجه سوريا:
1. التحديات الأمنية والسياسية
غياب النظام الحالي يترك فراغًا سياسيًا وأمنيًا قد يؤدي إلى صراعات بين الفصائل المسلحة، مثل هيئة تحرير الشام والجيش الوطني السوري. هذا الفراغ يهدد بتصاعد النفوذ الإقليمي والدولي من خلال ميليشيات أو قوى خارجية.
2. التحديات الإنسانية
سوريا تواجه تحديات إنسانية هائلة مع عودة بعض اللاجئين والنازحين داخليًا إلى مناطقهم.
يوجد أكثر من 7.2 ملايين نازح داخليًا، إضافة إلى حوالي 6.8 ملايين لاجئ خارج سوريا، معظمهم موزعون في تركيا ولبنان والأردن.
رغم انتهاء النزاع مع النظام، هناك عوائق كبيرة أمام عودتهم بسبب غياب البنية التحتية وإمكانية اندلاع صراعات محلية.
عودة اللاجئين
التقارير تشير إلى حركة عودة محدودة بسبب نقص الخدمات الأساسية في المناطق المدمرة، خاصة المياه، والكهرباء، والمدارس، مما يجعل الاستقرار في تلك المناطق شبه مستحيل حاليًا.
إعادة الإعمار على مدار 13 عامًا من النزاع، تعرضت المناطق الحضرية والريفية لدمار شبه كامل.
إعادة بناء المساكن والمستشفيات والبنية التحتية الأساسية قد تحتاج إلى عقود من العمل وتريليونات الدولارات.
ومع غياب مؤسسات دولة قوية، فإن جهود إعادة الإعمار تتعطل، كما أن الدول المانحة مترددة في تقديم دعم كبير دون وضوح سياسي.
3. الأبعاد الإقليمية والدولية
سقوط الأسد يمثل نقطة تحول للمنطقة، مع احتمال تصاعد التنافس بين إيران وتركيا على النفوذ داخل سوريا.
قد يؤدي ذلك إلى صراعات جديدة، خصوصًا مع تطلع هيئة تحرير الشام إلى لعب دور أكبر على الساحة السياسية مع سعيها لإعادة تشكيل صورتها أمام المجتمع الدولي.
4. المساعدات الإنسانية العوائق التنظيمية:
النظام السابق كان يسيطر على توزيع المساعدات من خلال دمشق، مما أدى إلى حرمان المناطق المعارضة من الدعم. مع غياب النظام، أصبح التحدي الآن هو التنسيق بين المنظمات الإنسانية والفصائل المختلفة.
نقص التمويل:
العديد من المانحين الدوليين لا يزالون يقدمون دعمًا محدودًا يقتصر على المساعدات الطارئة، ويرفضون تمويل مشروعات إعادة الإعمار طويلة الأجل بسبب العقوبات المفروضة على بعض الجماعات المسيطرة مثل هيئة تحرير الشام.
5. المخاطر الأمنية والصحية الألغام ومخلفات الحرب.
العديد من المناطق ما زالت ملوثة بالألغام والذخائر غير المنفجرة، مما يهدد حياة المدنيين ويعرقل الزراعة والتنمية.
6. الأزمات الصحية تدهورت الخدمات الصحية بشكل حاد، حيث تعاني المستشفيات من نقص المعدات والكوادر الطبية، وتزايد انتشار الأمراض المعدية مثل الكوليرا في مناطق النزوح.
التعامل مع الماضي إطلاق سراح المعتقلين وإعادة دمجهم في المجتمع يشكل تحديًا كبيرًا، حيث لا تزال العديد من العائلات تبحث عن ذويها المختفين في سجون النظام السابق. الحاجة إلى تحقيق العدالة والمصالحة تُعد ضرورة لبناء الثقة بين الفصائل والمجتمع المدني.