ظهر في الآونة الأخيرة اهتمام متزايد في المؤسسات خاصة الحكومية بقياس تجربة المستفيد، وهذا ماهو إلا تطور إيجابي للاتجاه الحديث في قياس أداء المؤسسات الذي يوازن بين الجوانب المالية وغير المالية، وفي الحديث عن تجربة المستفيد في المؤسسات الإصلاحية ودور نظام بطاقة الأداء المتوازن في تحسينها.

لابد أن نوضح أن المستفيد في المؤسسات الإصلاحية يختلف بصورة كبيرة عن أي مستفيد آخر من ناحيتين هما:

أولاً: المستفيد في المؤسسات الإصلاحية ليس لديه الخيار في اختيار المؤسسة الإصلاحية، وهذا عام في جميع أنحاء العالم، بما يفرضه حال المستفيد.


ثانيًا: يمكن تقسيم المراد بالمستفيد في المؤسسات الإصلاحية إلى مستفيد مباشر وهو السجين وأسرته، ومستفيد غير مباشر ونعني به المجتمع، وذلك باعتبار مقدار الاستفادة المباشرة من الخدمات التأهيلية والإصلاحية والسجنية من عدمها.

وتأسيسًا على هاتين الناحيتين، إضافة إلى كون رسالة المؤسسات الإصلاحية لا تعنى بتحقيق الربحية المالية، وإنما تحقيق تأهيل وإصلاح المستفيد المباشر وحفظ أمن وحقوق كافة المستفيدين، يتعين على الإدارة العليا في المؤسسات الإصلاحية أن تولي هذا الجانب مزيد اهتمام في جميع مراحل إدارة استراتيجيتها.

وبالعودة إلى المحور الأساسي لموضوعنا وهو دور نظام بطاقة الأداء المتوازن في تحسين تجربة المستفيد في المؤسسات الإصلاحية، يمكننا أن نستعرضه بإيجاز من خلال مرحلتي إدارة الاستراتيجية على النحو الآتي:

المرحلة الأولى: التخطيط الاستراتيجي في المؤسسات الإصلاحية

أولاً: عملية صياغة الأهداف

إن تطبيق بطاقة الأداء المتوازن في مرحلة التخطيط الاستراتيجي للمؤسسات الإصلاحية، تحديدًا في عملية صياغة الأهداف من شأنه أن يسهم في وضع المستفيد كأولوية ضمن رؤية المنظمة، وذلك بسب تكوين بطاقة الأداء المتوازن الذي يعتمد أربعة مناظير أساسية هي : منظور المستفيدين، المنظور المالي، منظور الخدمات والعمليات الداخلية، ومنظور النمو والتطوير، فيظهر جليا تركيز الاهتمام على المستفيدين، وعليه تحدد الأهداف الاستراتيجية المتعلقة بضمان تجربة مستفيد إيجابية و شاملة، تبنى لها مؤشرات أداء رئيسية تساعد في القياس الدوري المنتظم لمعرفة مدى الانحراف الإيجابي أو السلبي بالنسبة للمستهدفات.( تخصيص أهداف مباشرة بالعميل).

ثانيًا: عملية تطوير الخريطة الاستراتيجية

ولأن العلاقة بين الأهداف في مرحلة تطوير الخريطة الاستراتيجية قائمة على توزيع الأهداف على مناظيرها الأربعة وربطها بعلاقة السبب (عند قراءة الخريطة من أسفل إلى أعلى) والنتيجة (عند قراءة الخريطة من أعلى إلى أسفل)، فإن هذا يؤكد على ترابط الأهداف في تحقيق رؤية ورسالة المؤسسات في إصلاح وتأهيل النزلاء وتحقيق رضا كافة المستفيدين.

ومما تجدر الإشارة إليه في الخريطة الاستراتيجية في المؤسسات الإصلاحية، أن منظور المستفيد يمثل أعلى مستوى ويُعد الغاية النهائية، حيث تتركز الجهود على تحقيق رضا المستفيدين وتحسين تجربتهم، إذ يبدأ النجاح في ذلك من منظور التعلم والنمو الذي يشمل تطوير مهارات الموظفين والتكنولوجيا، مما يؤدي إلى تحسين العمليات الداخلية كزيادة كفاءة البرامج الإصلاحية وتسريع الإجراءات، مما يكون سبب في تحسين كفاءة استخدام الموارد، هذه العمليات تدعم تحقيق أهداف المستفيد لأن العلاقة سببية؛ حيث تمثل الأهداف في المستويات الأدنى أسبابًا لنجاح الأهداف العليا.

المرحلة الثانية: تنفيذ الاستراتيجية

بعد إعداد الخطة الاستراتيجية للمؤسسة الإصلاحية تأتي مرحلة التنفيذ والقياس لمعرفة مستوى تحقيق أهداف الخطة الاستراتيجية، تعد بطاقة الأداء المتوازن أداة فعالة في قياس الأداء بصورة عامة وبصورة خاصة في قياس تجربة المستفيد في المؤسسات الإصلاحية سواء أكان القياس الدوري لمؤشرات الأداء الرئيسية لمعرفة مستوى الأداء لتحقيق المستهدفات، أم كان القياس النهائي في نهاية المدة الزمنية للخطة الاستراتيجية لمعرفة نسبة النجاح في تحقيق رؤيتها من خلال أهدافها.

ونختم القول بالتأكيد على أهمية تطبيق نظام بطاقة الأداء المتوازن في المؤسسات الإصلاحية لتحقيق تجربة مستفيد إيجابية.