البحث والوصل إلى السعادة أمر يتطلب الكثير من الوقت ، فهو كمضمار السباق عليك أن تركض بأقصى سرعتك حتى تصل إليه. فدخول الإنسان عالم السعادة هو ممر سوسيولوجي في حياتنا اليومية ، وأعترف أنني ممن أمضوا سنوات من عمري في محاولة تسلق سلم السعادة حتى تستفحل الخصومة بيني وبين هذا العالم المثير إلى نقطة بلا عودة. ورغم أنني ودعت حقيبة الحزن والتشاؤم إلا أن الحياة علمتني أنها إمتحان يجب التصرف بذكاء شديد. وربما دفعتني تلك الأفكار إلى الشاشة الصغيرة لمشاهدة فيلم قديم يقوم ببطولته ويل سميث، فهو فيلم بعنوان : السعي للسعادة. كلمة السعي أن الوصول إلى هدفك يتطلب جهد وإرادة وعزيمة قوية لكي يحقق أي إنسان حلمه بأن يصل إلى قمة النجاح والسعادة الدائمة.

إستفزني موضوع الفيلم فشاهدته للمرة الثانية، وإكتشفت أنه يحكي واقع الصعوبات والعوائق التي يواجهها أي شخص محاولا تحقيق النجاح. فالبطل كريس غاردنر إستثمر شخصية طموحة ومثابرة ولاتعرف معنى الإستسلام ولا الكيل والتعب. هدفه الأول بيع وشرح كيفية عمل وتقنيات ماسحات العظام الضوئية والتي يحاول من خلالها لكي يستطيع بيعها للأطباء وبذلك يكون قد خفف عن نفسه أتعاب نفقاته الأسرية. ورسالة الفيلم إلى المثابرين على النجاح هو أنه مهما واجهتك من صعوبات وعوائق أثناء الطريق فلا تأيس ولا تستلم أبدا وتمسك بحلمك ولا تجعل أحد يقول لك لن تسطيع فربما في يوم من الأيام سوف تصل إلى مبتغاك الحقيقي. فالسعادة لا تشترى فهي شيء ما يجب أن تناضل من أجله، فالطريق شاق وطويل وقد يستغرق وقتا لكي تحقق أعلى درجات النجاح الكبيرة. فلذة الشعور بالنجاح هو عندما وصلت إلى حلمك بعد الشقى والتعب أحسست بطعم النجاح بحلوه ومره. السعادة هي كالموج الذي لا يهدء فهو يتحداك بكل قوته ويريدك بأن تصعده وتركبه وتبقى متاحشيا بذلك عواقب الغرق.

الحياة تتطلب وجود الشخصيات المكافحة والمناورة التي تريد أن تبدع وتخلق بيئة منتجة وتنشر إبداعتها في كل مكان وصوب. عندما يجري متسابقو الماراثون يضعون في ذهنم أنهم يريدون أن يكونوا أول القاطعين لخط النهاية، فإصراهم هذا أنساهم كل المآسي والأحزان التي تعايشوا معها في فترة من حياتهم.


السعادة سلعة جذابة ولكنها للأسف في بعض الأحيان تخرج الإنسان عن الواقع وتجعل منه ضحية الخداع والعيش في عالم الخيال ما قد يؤدي أحيانا إلى الوقوع في عالم الإكتئاب المزمن.

وهذا ما يؤكده الفيلم، وأن السعادة لا تأتي على طبق من ذهب ، فيجب كل من يريد الوصول إلى السعادة أن يعلم جيدا أنها لا تأتي من خلال الجلوس على الأريكة وتتذمر وتشعر بالإحباط الشديد وتبكي على أطلال الماضي.

تحقيق الحلم صعب فهو يحتاج من الصبر والعزيمة لتحقيقه ويريدك أن ترقى بأعلى مستوى من درجة الأداء لكي تثبت بأنك صاحب كفاءة عالية.

الفيلم حالة نوعية خاصة يستحق الرثاء فعلا، ورغم إعجابي بأداء ويل سميث للشخصية المناضلة التي جسدها شعرت بأن كاتب السناريو والمخرج غابريل موكينو يصوران قصة حقيقة بكل تفاصيل ألامها وأحزانها، ونسيا بعض الإبداع في الفيلم.

فالقصة تدخلنا إلى عالم الصعوبات والتحديات التي تريد منا أن نتعاطف مع البطل. محاولته بيع ماسحات العظام الضوئية ومن ثم يضطر أن يتدرب كسمسار في شركة دون أن يتقاضى راتبا شهريا إلا أن يتم أخيرا إختياره لهذه الوظيفة بعد نجاحه في الإختبار.

فكريس كما يصوره الفيلم يواجه العديد من المتاعب والصعوبات التي يواجهها داخل عمله، وفي نهاية الفيلم ينجح كريس في الإختبار ويحصل على المنصب الذي عرض عليه ودموع الفرح تملأ عينيه. فيقول في أحد المشاهد وهو يحدث إبنه عن العمل الجاد والشاق ”العالم بالنسبة لك عبارة عن محارة ودورك هو العثور على اللؤلؤة“.

في عرف السيناريت والمخرج الناجح الممثل الموهوب يستحق الإعجاب والتقدير . وإن أراد أحدا الوصول إلى النجاح والقمة ويتعرف على قصة كفاح فليأخذ قصة " كريس غاردنر" عبرة له مدى العمر.