مع ذلك، يبقى السؤال بشأن مدى قدرة الأطراف الفاعلة، بما فيها هيئة تحرير الشام، على تحقيق هذه الرؤية في ظل تعقيدات المشهد السياسي والأمني، وذلك بعد تكليف محمد البشير برئاسة الحكومة المؤقتة، التي عقدت أول اجتماعاتها في العاصمة دمشق بحضور رئيس الوزراء السابق محمد الجلالي، بينما حصل اشتباك مفاجئ بين ضباط من الجيش والفصائل في ريف حماة.
حكومة مؤقتة
أكد البشير، من مبنى رئاسة الوزراء، تكليفه رسميا برئاسة الحكومة، لافتا إلى أن الاجتماع الأول للحكومة ركز على نقل الصلاحيات التنفيذية.
كما أضاف أن الحكومة المؤقتة ستشرف على قضايا الإدارة العامة خلال الفترة الانتقالية، التي قد تنتهي في الأول من مارس.من جهة أخرى، يخشى المراقبون استغلال تنظيم داعش الأوضاع في سوريا، لذا كانت الضربات الجوية الأمريكية الضخمة على مسلحيه في سوريا بمنزلة رسالة إلى التنظيم، وخطوة لضمان عدم محاولته الاستفادة من الفوضى التي أعقبت الإطاحة بحكومة الرئيس بشار الأسد.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون)، سابرينا سينغ، إن الولايات المتحدة وشركاءها يريدون التأكد من أن داعش، الذي لا يزال له وجود في سوريا، لا يستطيع أن يملأ الفراغ القيادي، ويفرض سيطرته مرة أخرى على مساحات واسعة من البلاد، بينما ضربت الولايات المتحدة نحو 75 هدفا لداعش في الصحراء السورية.
حل الأجهزة الأمنية
أفادت مصادر مطلعة بأنه سيتم حل الأجهزة الأمنية وإلغاء قوانين الإرهاب، مشيرة إلى أن «الحكومة الانتقالية ستجري النظر في حالة الجيش الحالي، وتبحث إعادة ترتيب أوضاعه».
كما أكدت المصادر أن «ضبط الأمن وتقديم الخدمات والانتقال السلس أولويات في حكومة تصريف الأعمال»، وفق ما نقلت وكالة «أسوشيتد برس».
وقد التقى قائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المعرف بـ«الجولاني»، البشير قبل يومين عقب أنباء عن تكليفه. مخاوف الحكم يتكرر سؤال في سوريا عن معرفة من هو المسؤول الذي سيعيد النظام لسوريا.
ويذكر أن قيادة الفصائل السورية المعارضة التي أطاحت بالرئيس بشار الأسد بدأت البحث في «انتقال السلطة»، بينما أعلنت الفصائل أن قائد «هيئة تحرير الشام» (الجولاني) بحث مع رئيس الحكومة السورية السابق محمّد الجلالي «تنسيق انتقال السلطة».
وفي مؤشر على بدء رسم المرحلة المقبلة، أعلن مجلس الشعب تأييده إرادة الشعب لبناء «سوريا الجديدة»، بينما قال الأمين العام لحزب البعث إبراهيم الحديد: «سنبقى داعمين لمرحلة انتقالية في سوريا هادفة للدفاع عن وحدة البلاد، أرضا وشعبا ومؤسسات ومقدرات».
القوات الأمريكية
كانت الولايات المتحدة تحتفظ بقوات في سوريا على مدى العقد الماضي، لمحاربة داعش.
وقد أثارت الاضطرابات التي أعقبت الهجوم الذي شنته المعارضة المسلحة وأطاحت بالأسد مخاوف من عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: «داعش سيحاول استغلال هذه الفترة لإعادة تأسيس قدراته وإنشاء ملاذات آمنة له»، مستخدما اختصارا آخر للتنظيم. وأضاف: «كما أظهرت ضرباتنا الدقيقة خلال عطلة نهاية الأسبوع، فإننا عازمون على عدم السماح بحدوث ذلك».
وحتى الآن، يقول المسؤولون الأمريكيون إنهم لا يخططون لزيادة القوات الأمريكية في سوريا، ولكنهم يركزون على التأكد من أن القوات الموجودة هناك بالفعل آمنة.
ضرب الأهداف
على مدى العقد الماضي، استهدفت الولايات المتحدة بشكل روتيني قادة تنظيم داعش ومعسكراته وأسلحته في سوريا، لإبقاء هذه المجموعة تحت السيطرة، ومنعها من الاندماج.
وخلال العام الماضي، ومع اتساع نطاق حرب إسرائيل مع حماس إلى صراع أوسع مع حزب الله في لبنان، تصاعدت الهجمات التي تشنها الميليشيات، فضلا عن تنظيم داعش.
ونتيجة ذلك، واصلت الولايات المتحدة تنفيذ هجمات مضادة منتظمة ضد كل الجماعات، بما في ذلك ضد معسكرات داعش في الصحراء، التي وجد المقاتلون فيها ملاذا آمنا.
ويقول المسؤولون إنه على الرغم من أن التنظيم أصبح أضعف بكثير مما كان عليه في عام 2014، فإنه لا يزال يحتفظ بآلاف المسلحين في سوريا.
وفي يوم الأحد، شنت الولايات المتحدة واحدة من أكبر وأوسع هجماتها ضد معسكرات وعملاء تنظيم داعش في الصحراء، مستغلة سقوط حكومة الأسد، حيث قصفت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 75 هدفًا في نحو خمسة مواقع باستخدام قاذفات بي-52 وطائرات هجومية من طراز أ-10 وطائرات مقاتلة من طراز إف-15.
عدم التدخل
تصر إدارة بايدن على أن الولايات المتحدة لن تتدخل في الحرب السورية أو الإطاحة بحكومة الأسد. لكن الولايات المتحدة وحلفاءها لديهم مصالح عميقة في سوريا، بما في ذلك الجهود الرامية إلى هزيمة داعش، واحتواء بقايا تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى التي وجدت بسوريا ملاذًا آمنًا.
وفي الأسبوع الماضي قبل سقوط دمشق، قال كريس كوستا، المدير السابق لمكافحة الإرهاب في إدارة ترمب الأولى: «أعتقد أن هذا يُنذر بمزيد من عدم الاستقرار واحتمال المزيد من العنف السياسي».
وقضى كوستا عقودًا في الجيش الأمريكي، وأدار عمليات خاصة بمناطق القتال. وأضاف: «أعتقد أن هناك إمكانية لعودة داعش مرة أخرى لإثارة المتاعب ليس فقط للعراقيين، ولكن أيضًا لتشجيعهم في المنطقة».
وقال أليكس يونجر، الذي قاد وكالة الاستخبارات الخارجية البريطانية (إم آي 6) بين عامي 2014 و2020، إن القلق الكبير هو «العدد الكبير للغاية من معتقلي داعش المتبقين بعد تدمير الخلافة».
وأوضح يونجر لـ«بي. بي. سي» أن فلول تنظيم الدولة داعش «محاصرون حاليا من قِبل الجماعات الكردية في الشرق. لكن إذا توقف هذه الجماعات عن العمل، فيمكنك أن تتوقع ارتفاعا خطيرا في التهديد الذي يشكله داعش على أوروبا».
القوات الأمريكية في سوريا
-يوجد نحو 900 جندي ومتعاقدون غير معلنين في قواعد صغيرة شمال وشرق سوريا، بالإضافة إلى حامية التنف جنوبًا
- مواجهة داعش دخلت الولايات المتحدة في شراكة مع قوات سوريا الديمقراطية لهزيمة داعش، الذي أعلن نهاية خلافته في 2019، لكن بقايا التنظيم ما زالت نشطة مع مقاتلين محتجزين ومخيمات للاجئين المصالح الدولية المتداخلة روسيا لها وجود عسكري وميناء بحري في الشمال، مع خطوط اتصال لتجنب الصدام مع القوات الأمريكية.
- إيران تستخدم سوريا طريقا لنقل الأسلحة إلى حزب الله في لبنان.
حامية التنف الأمريكية تسعى إلى تعطيل الشحنات الإيرانية بين طهران ولبنان.