بعد 13 عاما من حرب دموية قادها بشار الأسد أدت إلى دمار واسع في سوريا وتشريد الملايين، أعلنت فصائل المعارضة المسلحة فرار الأسد من دمشق بعد هجوم مباغت تسبب بانهيار سريع لقوات النظام السوري في مناطق استراتيجية شملت حلب وحماة وحمص وصولا إلى العاصمة دمشق، مما يعكس تغيرا كبيرا في المشهد السياسي والعسكري السوري.

أكدت فصائل المعارضة المسلحة السورية فجر الأحد أن الرئيس بشار الأسد "هرب" من دمشق بعد دخول قواتها العاصمة. ووصف بيان المعارضة الرئيس الأسد بـ"الطاغية"، مشيرة إلى دمار واسع تسببت به سنوات حكمه الطويلة التي ترافقت مع قمع دامٍ لشريحة كبيرة من الشعب السوري المطالب بالحرية.

وأشارت الفصائل المعارضة إلى أن الأسد لم يُظهر منذ عام 2011 أي تردد في قمع معارضيه، ولكن التطورات الأخيرة منذ 27 نوفمبر كشفت عن ضعف واضح في سلطته. ولفت البيان إلى أن هجوما مباغتا نفذته فصائل معارضة ذات أغلبية إسلامية أدى إلى خسارة النظام لمناطق استراتيجية كبرى، منها حلب وحماة وحمص، وصولاً إلى دمشق، بشكل مفاجئ وبسرعة كبيرة.

وعرض الأسد نفسه دائما كحامٍ للأقليات وضد الفوضى، معتمدا على دعم حلفائه مثل روسيا وإيران وحزب الله اللبناني. وأدى هذا الدعم إلى استعادة السيطرة على مناطق رئيسية منذ عام 2015، بعد خسائر كبيرة تكبدها النظام في بداية النزاع. وخلال الأيام الأخيرة، رصدت مشاهد لمقاتلي المعارضة وهم يقومون بحرق صور الأسد أو تمزيقها في مناطق عديدة، مما يعكس حجم الغضب الشعبي والانهيار الرمزي للنظام.

واعتبر الصحفيون الذين التقوا الأسد خلال سنوات حكمه أنه يتمتع بشخصية هادئة وغامضة، وهي صفات تشبه تلك التي امتاز بها والده حافظ الأسد. وتعلم الأسد من والده سياسة الصبر واستثمار الوقت لصالحه، وهو ما ساهم في استمراره في مواجهة الثورة والحرب التي أنهكت بلاده.

وشهدت حياة الأسد تحولا كبيرا بعد وفاة شقيقه باسل في حادث سير عام 1994، ما دفعه إلى العودة من لندن حيث كان يدرس طب العيون. وتزوج أسماء الأخرس، التي كانت تعمل في القطاع المصرفي وتحمل الجنسية البريطانية. وبعد وفاة والده، تولى بشار الحكم في عام 2000، وأطلق إصلاحات محدودة في البداية، لكنها لم تدم طويلا.

ومع بداية الاحتجاجات الشعبية في عام 2011، أمر الأسد بقمعها بالقوة، مما أدى إلى تصعيد النزاع ليصبح حربا دامية متعددة الجبهات. ورغم انشقاق العديد من عناصر الأجهزة الأمنية، ظل الجيش مواليا للنظام، واستمر النزاع ليودي بحياة أكثر من نصف مليون شخص، ويشرد ملايين السوريين داخل البلاد وخارجها.

وواصل الأسد الحديث عن "المؤامرات الخارجية" منذ بداية النزاع، مؤكدا أن بلاده ستخرج منتصرة. ومع تصعيد الفصائل المسلحة في أواخر نوفمبر، أعلن الأسد أن هذا التصعيد يهدف إلى إعادة تقسيم المنطقة وتفتيت دولها. وفي فجر الأحد، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن الأسد غادر العاصمة دمشق على متن طائرة أقلعت من المطار قبل وصول الفصائل المسلحة.