فرض العرب بأغلبية ساحقة عقوبات اقتصادية فورية على سورية، بسبب مراوغتها في تنفيذ الخطة العربية، والسماح لمراقبين بدخول البلاد لحماية المدنيين.
وقال مصدر في الجامعة العربية لـ"الوطن": إن الاجتماع الوزاري العربي راعى إلى حد كبير عدم تأثر المدنيين السوريين بهذه العقوبات، عبر سلسلة من الإجراءات، ستكون موضوع بحث في المرحلة المقبلة من قبل الجهات المعنية في الجامعة، مشيرا إلى أن المهم في العقوبات هو التضييق على النظام لمنع آلته العسكرية من مواصلة قتل المدنيين.
وإذ أيدت 19 دولة العقوبات، "نأى" لبنان بنفسه عنها - بحسب تعبير رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم رئيس المجلس الوزاري في دورته الحالية- فيما تحفظ العراق على القرار وأعلن أنه لن ينفذه. وتضمن القرار سلة كبيرة من العقوبات أبرزها "منع سفر كبار الشخصيات والمسؤولين السوريين إلى الدول العربية وتجميد أرصدتهم بتلك الدول"، على أن يتم لاحقا تحديد أسماء هؤلاء الشخصيات والمسؤولين.
في غضون ذلك، دعت البحرين وقطر رعاياهما إلى مغادرة سورية بسبب أعمال العنف، فيما نصحت الإمارات رعاياها بتجنب هذا البلد.
وأكد مدير دراسات الشرق الأوسط بمعهد الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي أنتوني كوردسمان، أن خطر الحرب الأهلية بات الآن حقيقيا في سورية، مؤكدا أنه "إذا ما استمر النظام في تشبثه بسفينة غارقة في كل الأحوال فإن أمام سورية طريق من الدم والنزف أكبر مما حدث بالفعل".
أقر وزراء خارجية الدول العربية في ختام اجتماعهم الطارئ في القاهرة أمس، بالأغلبية حزمة من العقوبات الاقتصادية على الحكومة السورية، سيتم تنفيذها على الفور، بعدما تجاهلت دمشق الخطة العربية بالسماح لمراقبين بدخول البلاد لحماية المدنيين.
وقال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس المجلس الوزاري في دورته الحالية، إن العقوبات تمت بموافقة 19 من بين 22 دولة عضوا، حيث تحفظ "العراق على القرار ولن ينفذه، في حين "نأى لبنان بنفسه عن القرار". وأوضح أنه يأتي على رأس هذه العقوبات "منع سفر كبار الشخصيات والمسؤولين السوريين إلى الدول العربية وتجميد أرصدتهم بتلك الدول"، على أن يتم لاحقا تحديد أسماء هؤلاء الشخصيات والمسؤولين.
وحسب نص القرار فإن العقوبات تتضمن كذلك "وقف التعامل مع البنك المركزي السوري ووقف المبادلات التجارية الحكومية مع الحكومة السورية باستثناء السلع الاستراتيجية التي تؤثر على الشعب السوري".
وتشمل العقوبات، وفق القرار، "تجميد الأرصدة المالية للحكومة السورية، ووقف التعاملات المالية معها، ووقف جميع التعاملات مع البنك التجاري السوري، ووقف تمويل أي مبادلات تجارية حكومية من قبل البنوك المركزية العربية مع البنك المركزي السوري". ونص القرار أيضا على "الطلب من البنوك المركزية العربية مراقبة الحوالات المصرفية والاعتمادات التجارية باستثناء الحوالات المصرفية المرسلة من العمالة السورية في الخارج إلى أسرهم في سورية والحوالات من المواطنين العرب في سورية".
واتفق وزراء الخارجية العرب فيما يتعلق برحلات الطيران من وإلى سورية على أن تقوم اللجنة الفنية التنفيذية بتقديم تقرير خلال أسبوع من تاريخ صدور هذا القرار إلى اللجنة الوزارية المعنية بالوضع في سورية لتحديد موعد وقف رحلات الطيران من وإلى سورية.
وكلف الوزراء العرب الهيئة العربية للطيران المدني وصندوق النقد العربي بمتابعة تنفيذ هذه العقوبات كل فيما يخصه، موضحين أن هذه العقوبات لا تشمل المنظمات العربية والدولية ومراكز الجامعة وموظفيها على الأراضي السورية.
كما قرر المجلس تشكيل لجنة فنية تنفيذية من الخبراء وكبار المسؤولين برئاسة قطر وعضوية كل من السعودية ومصر والأردن والجزائر والسودان وعمان والمغرب والأمانة العامة للجامعة، مهمتها النظر في الاستثناءات المتعلقة بالأمور الإنسانية التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الشعب السوري، وكذلك المتعلقة بالدول العربية المجاورة لسورية. كما تقوم أيضا بوضع قائمة بالسلع الإستراتيجية وفقا لمعايير محددة وتقديم تقارير دورية إلى مجلس الجامعة عبر اللجنة الوزارية العربية المعنية بالوضع في سورية على أن يبقى المجلس في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الوضع.
وكانت اللجنة الوزارية المعنية بسورية، عقدت اجتماعا قبيل اجتماع المجلس الوزاري، أمس للاستماع إلى وجهة نظر الدول العربية المجاورة لسورية بشأن العقوبات المفروضة عليها، وهي الأردن والعراق ولبنان، والإمارات.
وجاء قرار اللجنة بمشاركة هذه الدول لسماع وجهة نظرها وتقييمها لجدوى تطبيق العقوبات الاقتصادية والتجارية والمالية التي أوصى بها المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي في اجتماعه أول من أمس والتداعيات السلبية للعقوبات عليها. وشهد الاجتماع في بدايته اختلافات حول جدوى تطبيق هذه العقوبات، إذ تحفظت بعض الدول على التعجل في تطبيقها، فيما رأت دول أخرى تطبيقها بشكل متدرج.
من جهة أخرى، قللت المعارضة السورية في القاهرة من جدوى توقيع العقوبات، مشيرة إلى أن اكتفاء الجامعة العربية بالعقوبات لن يردع النظام عن مواصلة إراقة دماء الشعب. وقال محمد مأمون الحمصي، النائب السابق في البرلمان السوري وأحد أبرز أقطاب المعارضة السورية في مصر لـ"الوطن"، إن "هذه القرارات لن تردع النظام السوري، لأن الجامعة العربية تركت الباب مفتوحا أمام النظام لكي يدعم نفسه".
وأوضح أن المرشد الديني الإيراني علي خامنئي قدم إلى نظام الأسد حتى اليوم دعماً لوجيستياً وعسكرياً بلغ نحو 9 مليارات دولار، كما قدم له رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي دعما آخر بلغ نحو 10 مليارات دولار، إضافة إلى تصدير 280 ألف برميل نفط يوميا إلى نظام الأسد". وتابع "هناك تواجد مكثف لميليشيات الحرس الثوري الإيراني وجيش مقتدى الصدر العراقي، وميليشيات حزب الله اللبناني على الأراضي السورية لدعم نظام الأسد، وفقا لما ذكره جيش الضباط الأحرار في سورية".
وأضاف الحمصي أن "ما يريده الشعب السوري من الجامعة هو فرض حظر جوي على المناطق التي تتعرض للقصف، ومنع تدفق الأسلحة الإيرانية والروسية إلى النظام، وتحديد مناطق آمنة لوقف إراقة دماء السوريين، وإحكام العزلة الدولية والإقليمية عليه، والعمل من أجل إسقاط النظام ولو بالحرب عليه".
واستطرد "كنا نتمنى أن تتدخل الجيوش العربية لإيقاف حمامات الدم، وما نريده الآن هو أن تحيل الجامعة العربية الملف السوري إلى الأمم المتحدة".