تقدم أندية الخطابة التوستماستر تجربة تعليمية فريدة لرواد النادي بالتوازي مع تشجيع الانضمام لتلك النوادي عن طريق توجيه الدعوات عن طريق الأعضاء، ومن المثير للاهتمام أن تأثير الثقافة المباشر في الفرد هو محصلة لتلك المخرجات التي تنبثق من الخطب المعدة أو الارتجالية. هنا نعلم بأن المعرفة قوة وتوظيفها يأتي بناء على المكتسبات الثقافية التي تعطي للكلمة زخما يعبر عن المحتوى المقدم في الخطبة.

وهنا اتوقف قليلاً ولعلها وقفة مطولة تجاه إعادة بوصلة دور عريف الاجتماع المسؤول عن تنظيم وتنسيق فقرات برنامج النادي، وهو أشبه بمقدم الحفل الذي يربط الأجندة بما يتقاطع مع الجدول الزمني للمناسبة.

و لفت نظري عريف الاجتماع الفيلسوف والذي نال من مخزونه في علم الفلسفة في طرح أبعاد أخرى لهذا الدور الحيوي في الاجتماع، حيث نقل الحضور بطريقة سلسة وبرشاقة كلماته وثقل تموضعاتها إلى عهد الفلاسفة. فهو يقدم الإجتماع بالفيسلوف أرسطو ويقدم أصحاب الأدوار بتسميتهم بأسماء الفلاسفة، ويربط بين الفقرات باستشهادات فلسفية عميقة، مدعاة للتفكر والتساؤل بأسلوبه المفوه ونغمته الموسيقية الرنانة في الإلقاء.


مع ذكر أحداث وشواهد من التاريخ الفلسفي وصولاً إلى ترشيحه لكتاب يختزل الكثير من الموضوعات الفلسفية، وكما يقول اينشتاين (أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال) فالتساؤل هو منبع الفلسفة.

تبسيط الأشياء وشرحها بأسلوب يفهمه الجميع هو إحدى ركائز منظمة التوستماستر العالمية، والتي أتاحت عبر أنديتها الواسعة الإنتشار في المملكة العربية السعودية معالجة وطرح الأفكار والموضوعات بطريقة يفهمها الجميع على طريقة السهل الممتنع. وفي هذا السياق قد لا نتصور بأن يأخذ عريف الاجتماع هذا الامتياز سوى تأثير الانعكاس الثقافي عليه ،ما جعله يستثمر خصوبة الفكرة عند عقول الحضور بأسلوب يتماهى معهم ويتوازن بين أياديهم.

الجدير بالذكر أن المنصة التعليمية المتاحة على الويب، مكنت الأعضاء من بلورة وسرد القصص والمواقف التي يمرون بها. فأسلوب السرد القصصي Storytelling من أهم المهارات اليوم في طريقك لقيادة الجمهور وكسب تأييدهم، ولنا عبرة وموعظة في الآيات التي يخاطب بها الله عز وجل رسوله الكريم عن جزئية السرد القصصي للأنبياء والأقوام السابقين، وكيف كان السرد القصصي ملهما ومؤثرا في الخطاب النبوي بعد ذلك.

وهنا نعود لعريف الاجتماع مجدداً ،فهو وظف هذه المهارة بطريقة دراماتيكية مسرحية، في سرد تلك القصة الفلسفية مع سقراط وتلميذه أفلاطون وفلاسفته حتى وطد علاقته مع الحضور، فالتفاعل والاندماج ساد ذلك الاجتماع.

الوعي القصصي عنصر بارز في التعلم من التجارب، فلكل خطيب قصته التي يسردها بأسلوبه، وحينما يمزج عريف الاجتماع بين دوره كمقدم للحفل وكفيلسوف في بيئة التوستماستر الخطابية المتعددة المواهب ،يأتي هذا الاقتباس لتريشيا جريفث الذي أختم به مقالي (مع الأشخاص المناسبين والثقافة والقيم المناسبة، يمكنك إنجاز أشياء عظيمة).