يقول الخبر الطازج إن إحدى أمانات المناطق (يحتفظ أبومازن بالاسم) أنهت في الأسبوع الماضي إجراءات منح ألف قطعة أرض لمواطنين من الدخل المحدود بعد مداولات دامت لعشر سنوات لخلاف على الأرض ما بين الأمانة وبين مواطنين يدعون ملكية المخطط الحكومي ولكن بلا سند. ومن يستمع أو يقرأ مثل هذه القصص المختلفة من معوقات ترسيم المخططات الحكومية يظن أن هذه الأمانات المختلفة تمنح المواطنين قطع الأراضي في المنطقة المزدحمة ما بين ميلانو الإيطالية ومونت كارلو الفرنسية على الشاطئ اللازوردي حيث المنطقة المزدحمة بربع مليون سائح صيني في اليوم الواحد إضافة إلى سكانها الأصليين حيث – المسافة – هي ثاني نقطة كثافة سكانية في الخارطة الأوروبية. البلدية، آنفة الذكر، تبعد 500 كيلو متر عن أقرب مدينة أخرى على الخريطة وما بين المدينتين وحده يكفي لأن نمنح حفيدي السابع عشر من اليوم قطعة أرض، فلماذا ضاقت هذه الدنيا لعقد كامل من الزمن عن ألف منحة فقط؟!

ودعك من كل ما سبق فقد أشبعنا هذه المواضيع طرحاً وضرباً وركلاً ورفساً حتى ماتت هذه الأمانات ولم تعد تعير مثل مواضيعنا هذه أي اهتمام أو ردة فعل. دعونا نذهب للجهة المقابلة: لماذا يصر الشاب السعودي على أن يفتعل من الحياة ومنعطفاتها أزمة مستمرة. وفي المعدل الحسابي تسكن الأسرة البريطانية في مساحة 80 متراً مربعاً بينما يصر المتزوج الحديث من بيننا على شقة بمئتي متر ومازال يظنها مشقة. ينجب البريطاني مولوده الثاني في نهاية العقد الثاني من الزواج بينما ينهي السعودي عقده الأول وقد أكمل الخمسة. تسكن الشعوب في الأبراج بعشرات العوائل من ذات البوابة بينما يناضل السعودي من أجل مدخل مستقل لوحدته السكنية، وكأن هذا الاستقلال تغطية لأسرار نووية بينما نمط حياتنا هو آخر الأنماط سرية وخصوصية. أحلام السعودي من الطبقة الوسطى أن يمتلك استراحة على أطراف المدينة وكأنه يريد الهروب من ضغط العمل وضجيج المصانع بينما الحقيقة أنه طوال دهره في استراحة سرمدية. نهرب من بعضنا بعضا ثم نعود إلى بعض في روابط الغيبة وأكل لحوم الناس. نحن نعيش في بيوت منفصلة ولكن أنفسنا أضيق من شقة البريطاني ونمط حياتنا أعقد حتى مما حبكناه لأنفسنا ونحن نأخذها من أزمة إلى أزمة.