وما أن تطل ساعات الصباح الباكر حتى ينطلق حماة البلاد «الحقول» في مهمتهم التي تستمر حتى المغيب تقريبا، حيث تجد على كل بلاد «مزرعة»، «حاميا» يدور عليها من جميع الجهات، مستخدما «الميضفة» و«المفقاع» وكذلك صوته لإخافة الطيور.
والميضفة أو ما يسمى بـ«المرجمة» في بعض الأماكن، هي أداة قديمة تستخدم بشكل رئيس لحماية المزارع من الطيور والحيوانات، وتصنع من خيوط مضفورة مع بعضها بعضا، وتتصل في وسطها بقطعة صغيرة ومجوفة قليلا تكون من البلاستيك أو القماش المقوى أو الجلد، توضع فيها بعض الحجارة التي تطلق بعد التلويح بها باتجاه الحقل فتنفر الطيور وتجبرها على الابتعاد عن المكان.
وأما المفقاع فإنه أقرب ما يكون إلى حبل طويل مربوط بنهايته بعصاة يحملها حامي البلاد ويلوح به ثم يضرب به الأرض، أو يضربه على صخر أو حجر كبير، فيصدر صوتا عاليا يشبه صوت الطلقة، وهو صوت كفيل بإخافة الطيور وإبعادها.
ولا تقف أدوات الحماية البسيطة التي تستخدم في الحقول عند ما سبق، حيث يلجأ بعضهم إلى ربط أكياس بلاستيكية بأكواز الذرة فتصدر أصواتا حين تهتز أعواد الذرة، أو يعمدون إلى ربط علب مشروبات غازية صغيرة توضع فيها بعض الحصى بحبل طويل وحين يتحرك بها حامي البلاد تصدر بدورها أصواتا عالية تخيف الطيور وتبعدها.
صعوبات في الخريف
يوضح علي مهارش، وهو أحد أشهر المزارعين في قرية المجديرة لـ«الوطن» أنه عاشق للزراعة ومهتم بتفاصيلها، وقال «هذا الموسم يسمى الخريف، ويعد بالنسبة لنا بمثابة العرس السنوي، فنحن نعشق الخضرة والمزارع، إلا أننا نواجه بعض الصعوبات من الطيور المهاجرة مثل طيور الهجف والصعو وغيرها، ولذا نحاول إبعادها بـ«حامي البلاد» وهو الشخص الذي يقوم بتخويفها بأدوات بدائية تخوفها ولا تضرها، فهدفنا هو حماية المحصول من الطيور بإصدار أصوات وضجيج يجعلها تهرب من الموقع».
الميضفة والمفقاع
يضيف مهارش «يستخدم الحامي أدوات منها «الميضفة» و«المفقاع»، وهذه أدوات قديمة، فمنذ أكثر من 60 عاما كنت أشاهد والدي حين كنت صغيرا وهو يستخدمها في حماية البلاد».
وأشار إلى أنها كانت في السابق تصنع من الطفي أي سعف النخل، بينما في هذه الأيام تطورت وباتت تصنع من حبال النايلون وغيرها، مبينا أن «الميضفة تكون أصغر من المفقاع، والمفقاع يصدر صوتا أعلى من الميضفة».
استنفار تام
يؤكد مهارش أن حماة البلاد يعيشون هذه الأيام حالة استنفار تامة لتأمين الحماية للمزارع، وخصوصا في الساعات الأولى من النهار، وهي الساعات التي تصادف اندفاع الطيور الشديد لطلب رزقها، كما تشتد كذلك في ساعات العودة إلى أوكارها، وهذان الوقتان تنشط فيهما الحماية لتجنب هجمات الطيور، بينما يكون الوضع أقل شدة في ساعات الظهيرة، وإن كان الحامي يبقى حاضرا في الحقل على مدار اليوم للحفاظ على المحصول المميز.
التكلفة عالية
شدد مهارش على أن الحماية كانت في السابق مجانا، حيث كان أهل البلاد يتعاونون فيما بينهم، فيتولى كل منهم حماية مزرعته وحماية مزرعة جاره الغائب، وهكذا، ولكن في هذه الأيام ومع التكلفة العالية باتوا يستأجرون عمالة تقوم بالحماية، ولا يقتصر الأمر على حامٍ واحد، بل صار لزاما الاستعانة بأكثر من حامٍ.
تطور الحماية
أكد مهارش أن أمور الحماية تطورت هذه الأيام، حيث يلجأ البعض إلى طرق جديدة، منها فزاعة بهيئة تشبه الإنسان، وبحركة ملابسه بتأثير الرياح، فيما يضع البعض حبالًا تعلق بها علب المشروبات الفارغة ويربطونها بأسلاك، وتترك بينها مسافات لتحدث أصواتًا بعد تعليقها، وكذلك أكياس البلاستيك المعلقة بأكواز الذرة، وغيرها من الأمور، إلاّ أنها وإن أدّت دورًا لا بأس به، فإنها لا تعمل عمل أدوات الطرد القديمة والبدائية التي ما زلنا نستخدمها في مزارعنا.
حامي البلاد
شخص يتولى إخافة الطيور وإبعادها عن الحقول.
يستخدم أدوات بسيطة مثل المفقاع والميضفة أو المرجمة.
يعمل منذ ساعات الصباح المبكر وينشط قبيل الغروب.
يستخدم صوته مع الأدوات التي يستعملها لإبعاد الطيور.