ليس البرد وحده ما يهدد سلامة الصغار في الشتاء، بل فيروساته أيضًا، بالذات الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي، كالإنفلونزا الموسمية والفيروس التنفسي المخلوي، هذه الفيروسات حينما تصيب المواليد وصغار الرضع، تشكل خطرًا على حياتهم، الإصابة بعدوى الفيروس التنفسي المخلوي للمرة الأولى قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية، والذي يمكن أن يؤدي إلى الوفاة في الحالات الشديدة -لا قدر الله- بالذات في الخدج وصغار الرضع. لذلك كانت التوصيات بإعطاء لقاح ضد هذا الفيروس للخدج في موسم الشتاء حسب العمر الرحمي والأمراض المزمنة نتيجة الخداجة. لقاح الإنفلونزا من الممكن إعطاؤه بعد عمر 6 أشهر، عادة تعطي الأم مولودها مناعة تبقى معه حتى بلوغ شهره السادس، ولكن المواليد الذين يولدون قبل وقتهم لا يستوفون مناعتهم من أمهاتهم أثناء الحمل، فيكونون عرضة للالتهابات. لذلك ننصح الأمهات أن يرضعن أطفالهن رضاعة طبيعية، لإعطائهم أجسامًا مناعية ضد الفيروسات المنتشرة. فالأم تُنتج أجسامًا مضادة لكل ما تتعرض له من التهابات وعدوى، فتفرز في لبنها الذي تعطيه صغيرها، فيكون حماية ووقاية له وكأنه تلقى لقاحًا ضد المرض. من أغرب ما أرى وأسمع إبعاد الأم عن رضيعها إذا ما أصابها زكام! بينما يحمله ويقبله إخوته الصغار وجميع الزوار! ويخرجون به إلى التجمعات والأماكن المزدحمة التي بها الأصحاء والمرضى، هذا يكح وآخر يعطس. تقبيل المواليد وصغار الرضع ليس بالمستحب، أو لنقل هو مذموم طبيًا، لأنه يعرض الصغير للعدوى بالذات في موسم الشتاء الزاخر بالفيروسات. الأم حتى وإن كانت مصابة بزكام لا مشكلة في اهتمامها بصغيرها، شرط إرضاعه رضاعة طبيعية لتكون لديه مناعة ضد فيروس الزكام الذي أصابها. أمّا قبلة الإخوة الصغار والزوار ضررها أكثر من نفعها، بالذات الذين لديهم أعراض تنفسية كالزكام والكحة أو أولئك المخالطين لمرضى. لا حرج في رفض تقبيل المولود فسلامته أكثر أهمية، غسل اليدين مهم لتقليل نقل العدوى للمولود. هل تعرف أن الإصابة المبكرة بالتهاب الشعب الهوائية والجهاز التنفسي يزيد من خطر الإصابة بالربو بعد ذلك؟ بينما تجنب الإصابة بها في الطفولة المبكرة يقلل من نسبة الإصابة بالربو الشعبي فيما بعد.
سمعت إحدى الجدات تنصح كنتها (لا تخرجي وليدك، تراه مثل اللبن المكشوف)، صدقت الجدة، اللبن المكشوف سريع العطب، والمولود أقل شيء ممكن أن يهدد صحته، فكيف بفيروسات الشتاء!
التجمعات والأسواق ليست بالمكان الأمثل للمواليد وصغار الرضع، ولنتذكر دائمًا، أن جنة الأطفال منازلهم.