تجارب الدول التي طبقت إلزامية الداش كام تثبت جدواها. ففي روسيا، أصبحت الدش كام جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية للسائقين، حيث أسهمت في توثيق الحوادث وتقليل النزاعات القانونية بشكل كبير. أظهرت التقارير أن تركيب الكاميرات في السيارات أسهم في خفض الادعاءات الكاذبة بنسبة 20 % خلال السنوات الأولى من اعتماد هذه الممارسة.
أما في كوريا الجنوبية، فقد شهدت انخفاضا في نسبة الحوادث المرورية بنسبة 10% بعد تشجيع الحكومة على تركيب الكاميرات في السيارات من خلال تقديم حوافز مالية للسائقين. التجربة الكورية أكدت أن تسجيل الحوادث يوفر أدلة دامغة تسهم في تسريع تسوية النزاعات القانونية، مما يخفف الضغط على المحاكم.
وفي المملكة المتحدة، أظهرت الإحصائيات أن السائقين الذين يستخدمون الداش كام يشعرون بزيادة في الثقة أثناء القيادة، مع انخفاض واضح في حوادث التهور، وهو ما يعزز ثقافة الالتزام بقوانين المرور.
إلزامية الداش كام تقدم فوائد متعددة، فهي تعزز السلامة على الطرق من خلال توثيق الحوادث وإثبات الوقائع بشكل دقيق. كما أنها تسهم في حماية السائقين من الاتهامات الباطلة التي قد يتعرضون لها نتيجة الحوادث المرورية، وتلعب دوراً في تحسين سلوك السائقين، حيث يدرك كثيرون أن سلوكهم أثناء القيادة قد يكون مسجلاً.
رغم هذه المزايا، يبقى التحدي في ضمان التوازن بين الفوائد المترتبة على تركيب الكاميرات وقضايا الخصوصية وتكاليف التنفيذ. يتطلب ذلك وضع إطار قانوني واضح يحدد كيفية استخدام التسجيلات ويحمي خصوصية الأفراد. تجارب الدول التي اعتمدت هذه التقنية تقدم دروسا قيمة يمكن الاستفادة منها في تصميم سياسات فعالة ومتكاملة.
وفي الختام، تبني إلزامية الداش كام ليس فقط خطوة نحو تعزيز الأمان على الطرق، بل هو استثمار في مستقبل قيادة أكثر شفافية وعدالة، شرط أن يتم تطبيقها بما يراعي حقوق السائقين واحتياجات المجتمع. وأعتقد أن على المرور السعودي التفكير الجاد في دراسة إلزامية الداش كام من جوانب النواحي مع دراسة الأثر لهذا المقترح بأطيافه كافة. رغم هذه المزايا، يبقى التحدي في ضمان التوازن بين الفوائد المترتبة على تركيب الكاميرات وقضايا الخصوصية وتكاليف التنفيذ.