عندما بدأت الرؤية المباركة التي حولت المملكة إلى أضخم ورشة عمل في العالم من ناحية الكم والكيف، تم تكوين عديد من الكيانات والشركات والجهات الحكومية التي تغطي جميع المجالات. هذا التكوين كان ضرورياً لتحقيق الحرية والمرونة في أداء الأعمال والواجبات دون البيروقراطية المكبلة التي قد تصاحب بعض الجهات الحكومية، والأرقام والأفعال والشواهد تؤكد نجاح الرؤية وتغيير وجه البلد بشكل ملحوظ.

أحد الأمثلة البارزة على هذا التغيير هو التحول الكبير في اعتماد المملكة شبه الكلي على القطاع النفطي إلى القطاعات غير النفطية، حيث أصبح حجم القطاع غير النفطي أكبر من القطاع النفطي! مما يظهر التغيير الهائل الذي حدث في سنوات قليلة، وأيضاً نمو الناتج المحلي بنسبة 70% منذ إطلاق رؤية 2030 ليصل إلى 1.1 تريليون دولار. وهذا المثال هو واحد من عديد من الأمثلة التي لا تُعد والتي تبين مدى النجاح والتقدم الذي أحرزته المملكة.

في هذه المرحلة التي نقترب فيها من منتصف الطريق إلى عام 2030، بدأنا نشهد تغيير بعض الرؤساء التنفيذيين في بعض القطاعات وهذه الحاجة نبعت من ضرورة وجود قيادات تتمتع بمواصفات ثلاثية معينة تمكنها من مواجهة التحديات الجديدة وتحقيق مزيد من الإنجازات.


ففي فترات سابقة، كانت ظاهرة «الإيكو سيستم» وإعادة تدوير وتبديل نفس الوجوه بين القطاعات ملموسة، وهذا التدوير قد يؤدي إلى نقص في الإنجازات. فالتنوع الوظيفي بحد ذاته ليس إنجازاً إذا لم يصاحبه إنجازات واضحة! تُثبت الكفاءة والفعالية، والأهم هو ما تم إنجازه في القطاع ليتم استقطاب الفرد لقطاع آخر.

والسؤال الذي يفرض نفسه دائما في قياس الأداء: ماذا أنجز هذا الشخص في القطاع الذي كان فيه ليستحق الانتقال إلى قطاع آخر؟ هل هو معروف لأنه وجه مألوف فقط، أم لأنه يتحدث اللغة الدارجة بين القطاعات؟ أم إنه فعلاً يمتلك إنجازات مثبتة تذكر غير القفز من مؤسسة إلى أخرى؟

من المعروف أن وجود شخص في «الإيكو سيستم» لا يعني بالضرورة أنه مبدع أو فريد، فقد يكون وجوده بسبب التعود عليه، ولكن نتيجة لعدم فعاليته وعدم تحقيقه لإنجازات فعلية فإن هذا ما يدفعه للانتقال بين المؤسسات، وربما تكرار الأخطاء وهذا التدوير قد يؤدي إلى بطء في الإنجازات التي نحتاجها لتحقيق رؤية المملكة 2030.

لذا، جاءت خطوة تقييم الأفراد بناءً على إنجازاتهم الفعلية وقدرتهم على تقديم نتائج واقعية، والتغيير في القيادات قد يكون أحياناً ضرورياً لإدخال أفكار جديدة ومبتكرة تسهم في تحقيق أهدافنا الطموحة.

واختيار الرؤساء التنفيذيين يتم لأنهم يتمتعون بثلاث خصال مهمة:

1. القدرة على الإنجاز والتسليم في الوقت المحدد: الرؤساء التنفيذيون يجب أن يكونوا مؤمنين بأهمية الجدول الزمني ويلتزمون به لتحقيق الأهداف المرجوة، خصوصا في وجود مشاريع كبرى متعددة ومعقدة وتحتاج تنسيقا كبيرا وجدولا زمنيا مدروسا.

2. القدرة على التحكم بالتكاليف وفعالية التكلفة والكفاءة: يجب أن ينجزوا المهام بتكاليف معقولة تناسب المعايير وسعر السوق، مع القدرة على التحكم بها بحيث لا تتجاوز تكاليف المشاريع الميزانيات الموضوعة، أي رئيس تنفيذي يعرف كيف يضع الريال في مكانه الصحيح دون تبذير أو هدر وأيضا يومن بالإبداع والأفكار الجديدة التي قد تكون أدوات للتحكم بالتكاليف والإنجاز بميزانية معقولة

3. القدرة على جلب المستثمرين المحليين والدوليين: وهذا يعتمد على مهارات الرئيس التنفيذي ومعرفته بالأسواق وشبكة علاقاته وفهمه للغة الأسواق.

في بداية المشاريع الكبرى، لم تقصر الدولة في دعمها لأنها كانت فتية وتحتاج إلى تدخل حكومي، الآن، بعد سنوات من الدعم، ربما حان الوقت للرؤساء التنفيذيين للبحث عن مصادر أخرى للاستمرار والتوسع، والاعتماد على النفس، الحكومة عملت ما عليها وزيادة ولن تبقى «تغذي بالملعقة» كما يقال في التعبير الإنجليزي الشهير، الآن روساء الكيانات والقطاعات «يشدون حيلهم» كما يقال في التعبير البدوي المعروف ويجلبون الاستثمارات من أجل التوسع والاستدامة.

وجاءت خطوة استقطاب رؤساء تنفيذيين من خارج الإيكو سيستم الحالي، لتقديم أفكار جديدة مبدعة ومبتكرة وأنواع ومدارس جديدة في الإدارة، فكما أن التدوير أدى غرضه سابقاً، كانت الحاجة إلى أشخاص بأفكار وأساليب إدارة جديدة ليواصلوا رحلة النجاح والتقدم والأهم يملكون الثلاثة خصال التي ذكرت لأنها مهمة جدا لهذه المرحلة.