يمر الطفل بتطورات عديدة أثناء نموه، تطور حسي، بصري، حركي وإدراكي. لا يمكن أن يكتسب مهارة ليس مستعدًا لها عمريًا، ولكن أحيانًا يُجبر، فيحاول وتنشأ عن ذلك مهارة ضعيفة أو ربما تتولد لديه مقاومة لها، كمهارة مسك القلم والمطالبة بالكتابة في سن مبكرة. ففي بعض المدارس حينما يتقدم الطفل للتسجيل في الصف الأول الابتدائي يتم تقييمه في الكتابة والقراءة، إذا أتقن الطفل الكتابة والقراءة في رياض الأطفال أو مرحلة ما قبل المدرسة، ماذا سيتعلم إذًا في الصف الأول؟ منذ عشرات السنوات لم تكن هذه المرحلة موجودة، واكتسب الأطفال المعرفة من المدرسة، لأنهم أمضوا طفولتهم المبكرة من 3-6 سنوات في أحضان أمهاتهم اللاتي كن معظمهن من سيدات المنازل، ترعى طفلها بنفسها، وحينما خرجت الأمهات للعمل، نشأت الحضانات ورياض الأطفال التي تهتم بالطفل وترعاه في شهوره الأولى، وإذا بلغ عامه الثالث تشرع في تعليمه الكتابة والقراءة والرسم. لو لاحظنا أي طفل حينما يمسك القلم أو الألوان وهو في شهره العاشر تقريبًا، يمسكه بين الإبهام والسبابة، وما بين السنة إلى السنة والنصف يمسكه بقبضته كلها، وفي عامه الثاني حتى عامه الثالث يبدأ مسكه بكل أصابعه بطريقة ملتفة، في هذه المرحلة أصابعه ضعيفة والتنسيق بينها صعب، ودعم الكتف والذراع لليد ليس قويًا، والحفاظ على معصمهم مرفوعًا والقيام بحركة أكثر تحكمًا نادرة. قد يكونون قادرين على رسم خط وخربشة على شكل دوائر.

يحتاج الأطفال في هذا العمر إلى الاستمرار في بناء التحكم بأصابعهم وقوة اليد، وممارسة أنشطة مثل اللعب بالسيارات الصغيرة، يساعدهم الرسم بالأصابع على تعلم استخدام إصبع واحد فقط في كل مرة، كالرسم على الرمل مثلا، ما يعدهم لقبضة أكثر نضجًا.

ما بين 3 إلى 4 سنوات، يضع الطفل إبهامه وجميع أطراف أصابعه على قلم التلوين أو قلم الرصاص؛ وجود الكثير من أطراف الأصابع على القلم يمنح الطفل مزيدًا من التحكم والسيطرة، ويكون أكثر قدرة على رسم خطوط رأسية وأفقية، وقادرًا على رسم دائرة منظمة، وسيحاول رسم أشخاص وأشياء بسيطة عند تشجيعه.


إذا أُدخلت الكتابة اليدوية في هذه المرحلة، فقد يصبح الطفل ثابتًا على نمط القبضة هذه، ولن يكون قادرًا على الانتقال إلى مرحلة إمساك القلم بالثلاث أصابع، والتي هي أكثر نضجًا. لمساعدتهم على تطوير قبضتهم شجعهم على التلوين، خاصة على الأسطح المستقيمة ولا تجبرهم على الكتابة، البعض يطلب من الطفل البدء في الكتابة قبل أن يفهم كيفية تكوين الحروف، وهذا يؤدي إلى رسم الحروف بدلا من كتابتها.

في سن 5-6 سنوات، يكون الأطفال مستعدين لمسك القلم بشكل صحيح، بوضع الإبهام وأول إصبعين على القلم، والإصبعين اللتين تليهما تستريحان على الورق مع المعصم، ويحبذ استخدام أقلام تلوين قصيرة وصغيرة في هذه المرحلة لثبات القبضة والتحكم بها أكثر.

هذا الطفل يكون قادرًا على رسم مثلث ومربع، والقص بالمقص، ورسم صور لأشياء مفهومة بدلًا من خربشات المراحل السابقة، عادة ما يكون الطفل الذي يمكنه فعل كل هذه الأشياء مستعدًا للبدء في تعلم كتابة الحروف والأرقام.

إذا قمنا بتدريس الكتابة اليدوية للطفل حينما يكون مستعدًا لها، يمكنه تطوير عادات جيدة في الكتابة التي سيمتلكها لبقية حياته كجمال الخط. ويستمر الطفل في تطوير تحكمه الحركي الدقيق والفهم والمهارات اللازمة للكتابة اليدوية الجيدة لعدة سنوات أخرى.

ليت دور الرعاية النهارية أو رياض الأطفال تراعي مراحل نمو الطفل وقدراته وتعرفها جيدًا، وتساعد الطفل على اجتياز هذه المرحلة بما يناسبها من معرفة بدلًا من مطالبة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و4 سنوات بالكتابة. آمل أن يساعدوا الأطفال على تطوير التحكم الحركي، الحسي، البصري والإدراكي من خلال أنشطة مثل الرسم واللعب بالعجينة أو الصلصال وترك الكتابة لحين استعدادهم لها.