في ظل الانتشار الواسع للمشاهير على منصات التواصل الاجتماعي، أصبحت الإعلانات التجارية جزءًا لا يتجزأ من محتواهم اليومي. وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة كبيرة من هؤلاء المشاهير وصلوا إلى الشهرة بالصدفة أو بضربة حظ، سواء عبر موقف عفوي أو تعليق طريف جذب انتباه الجمهور. ورغم غياب التأهيل الأكاديمي أو الخبرة التخصصية، فقد فتح لهم باب الإعلانات التجارية على مصراعيه، ليصبحوا من أبرز المروجين للمنتجات والخدمات.

غير أن الاعتماد على هؤلاء المشاهير في التسويق دون أي مقدمات مهنية أو تدريب كافٍ، أدى إلى تأثيرات سلبية في المستهلكين. فمعظم المشاهير يفتقرون إلى المعرفة بالقوانين والأنظمة المنظمة للإعلانات، مما يجعلهم أحيانًا يروجون لمنتجات غير مصرح بها، أو ذات جودة مشكوك فيها، بل وأحيانًا تكون ضارة بالصحة أو مخالفة للتشريعات. هذه الممارسات لا تهدد فقط صحة وسلامة المستهلك، بل تضر أيضًا بسمعة السوق وتؤثر سلبًا على مصداقية الإعلانات كوسيلة تسويقية.

ومع تزايد هذا التأثير السلبي، بات من الضروري أن تتدخل الجهات المعنية لحماية المستهلكين وتنظيم سوق الإعلانات. هناك حاجة ماسة لتطوير برامج تدريبية وتأهيلية تستهدف المشاهير العاملين في مجال الإعلان، لتزويدهم بالمعرفة اللازمة حول ما يجب وما لا يجب الترويج له. كما ينبغي تثقيفهم حول أهمية الالتزام بمعايير الشفافية والمهنية، بما يضمن تقديم إعلانات مسؤولة تخدم المستهلك وتعزز الثقة في المحتوى.


تجارب الهيئات المهنية الأخرى تقدم نموذجًا يمكن الاحتذاء به. فالعديد من الهيئات، مثل الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين، هيئة المهندسين، وهيئة التخصصات الصحية، تطبق شروطًا صارمة لتنظيم المهنة. هذه الشروط تشمل الحصول على دورات تدريبية، ومؤهلات أكاديمية، واجتياز اختبارات تأهيلية لضمان تقديم خدمات تتسم بالجودة والمصداقية.

من هنا، تبرز أهميةوجود نهج مشابه، بإلزام مشاهير التواصل الاجتماعي بالخضوع لدورات تدريبية واختبارات تأهيلية تضمن قدرتهم على تقديم إعلانات واعية ومسؤولة. هذا التنظيم سيتيح لهم فهم الحقوق والواجبات المرتبطة بدورهم كأشخاص مؤثرين، مما يعزز مصداقية المحتوى المقدم للجمهور.

وحقيقة مع تنامي قلق المستهلكين من الإعلانات المضللة، فإن رفع درجة المهنية لدى المشاهير يمكن أن يسهم في تعزيز الثقة بالسوق الإعلاني. فالشفافية والمهنية، خاصة في الإعلانات الصادرة عن شخصيات مؤثرة، تخلق بيئة تسويقية أكثر موثوقية للجميع. والأهم من ذلك، أنها تحمي المستهلك من الوقوع ضحية لإعلانات لا تلبي معايير الجودة.

نتمنى أن نرى قريبًا دورًا فاعلًا ، يتجسد في وضع أسس راسخة لهذه القواعد المهنية وربطها بالتراخيص. فمنصات التواصل الاجتماعي يمكن أن تصبح مساحة آمنة للإعلان المسؤول والمتقن.