وشدد ملاك «أفراد»، يتابعون مشاريعهم السكنية على أنهم عانوا كثيرا من «لا مبالاة» العمالة في مشاريعهم، ومن ارتفاع قيم الهدر في كافة مواد البناء، وشددوا على أنهم يلاحظون تناثر أو تلف أو كسر كميات كبيرة من المواد في المشروع، موضحين أن جمع تلك المواد المهدرة، تقدر قيمتها الإجمالية بعشرات آلاف الريالات، لافتين إلى أن جميع المشاريع السكنية التي يتابعها الملاك بأنفسهم، غالبا ما تشهد وقوعهم ضحايا لتلك الممارسات اللامسؤولة، حيث يكون مصير عشرات الآلاف من الريالات الهدر وانتظارها أن تنقل إلى حاويات ومرادم النفايات، وهي مواد، كان بالإمكان عدم شرائها لعدم الحاجة إليها، أو الاستفادة منها داخل المشروع، مثل قصاصات الحديد، والطابوق، والخرسانة والأسمنت.
نسب الهدر
قدّر مهندسون ومعماريون لـ«الوطن»، أن تتراوح نسبة الهدر المقبولة في المشاريع السكنية التي يديرها الملاك بشكل شخصي، بين 3% و10%، حسب نوع المادة، وأكدوا أن أي زيادة عن هذه النسبة تعد مؤشرًا إلى سوء التخطيط أو التنفيذ، مما يستدعي تدخلاً لتحسين العمليات وتقليل الفاقد.
وبينوا أنه يمكن تقليل هذه النسبة بشكل كبير من خلال التخطيط الجيد، والاعتماد على العمالة الماهرة، وإدارة المواد بكفاءة، وشددوا على أن الاهتمام بهذه التفاصيل لن يقلل فقط التكاليف بل سيحسّن أيضًا من جودة المشروع النهائي، موضحين أنه يمكن للملاك اتخاذ خطوات فعّالة لتقليل الهدر وخفض الفاتورة النهائية للبناء.
النسب المقبولة
أوضح المهندس عمار ناصر البطاط، أن الأكواد الهندسية، لا تحدد نسبة محددة للهدر، لكن الممارسات العامة، تشير إلى النسب التالية على أنها نسب مقبولة في المشاريع السكنية:
حديد التسليح: النسبة المقبولة في الهدر 3 إلى 5%، ويشمل الهدر الناتج عن القص أو الزائد في عملية الحصر.
الخرسانة الجاهزة: النسبة المقبولة في الهدر من 1 إلى 2% لتغطية الأخطاء الطفيفة أو الفائض أثناء الصب.
البلاط والسيراميك: النسبة المقبولة في الهدر من 5 إلى 10%، تُضاف هذه النسبة بسبب قص البلاط أو التلف أثناء التركيب.
خفض التكاليف
يضيف البطاط «مع عدم وجود مهندس لإدارة المشروع، يمكن للملاك الالتزام بمجموعة من الخطوات التي تساعدهم على تقليل الهدر وخفض التكاليف، وهي:
01- حصر الكميات بدقة: الاستعانة بمهندس تصميم أو مكتب استشاري لحساب الكميات المطلوبة بدقة قبل الشراء، مما يقلل من احتمالية وجود فائض غير ضروري.
02- الشراء على دفعات: أي تجنب شراء جميع المواد دفعة واحدة، بل شراءِ المواد حسب الحاجة لكل مرحلة، لتقليل التلف أثناء التخزين.
03- الاعتماد على عمالة ماهرة: اختيار عمالة ذات خبرة تستطيع استخدام المواد بفعالية وتقليل الهدر أثناء القص أو التركيب.
04- إعادة استخدام المواد الزائدة: مثل استخدام المواد الفائضة في أماكن أقل أهمية، مثلا أن تستعمل الفائض من قص الحديد في أعمال الأعتاب، والخرسانة في أعمال الردم أو بقايا البلاط لتغطية أماكن غير ظاهرة.
05- التخزين الجيد للمواد: الحرص على تخزين المواد في أماكن مناسبة للحفاظ عليها من التلف بسبب العوامل البيئية، مثل الرطوبة أو الشمس.
06- مراقبة التنفيذ باستمرار: زيارة الموقع بشكل دوري لمتابعة سير العمل ومراجعة استخدام المواد.
07- الحصول على رأي مختص عند الضرورة: استشارة مهندس لفترة قصيرة لتقييم العمل والتأكد من عدم وجود هدر كبير.
08- توثيق كل مرحلة من العمل: التصوير وحفظ الفواتير والتقارير يساعد على مراجعة الأمور لاحقًا والتعلم من الأخطاء.
إعادة تدوير
أوضح المهندس حسين السلامين أن «الهدر في مستلزمات البناء يمثل تحديًا كبيرًا يؤثر على كفاءة المشاريع وجودتها، خصوصا في ظل الضغوط الاقتصادية وزيادة تكلفة المواد».
وأضاف، «للحد من هذا الهدر وخفض الفاتورة الإجمالية، يمكن للملاك التخطيط المحكم بوضع خطة دقيقة لإدارة الموارد تشمل تقدير الاحتياجات بشكل واقعي لتجنب الفائض، واستخدام برامج إدارة المشاريع الحديثة لتتبع المواد وكميات الاستهلاك، والتصميم المبتكر للمشاريع بطريقة تتيح الاستفادة القصوى من المواد وتقليل القصاصات والفضلات، والتوجه نحو الممارسات المستدامة التي تقلل الهدر وتعيد استخدام المواد، والإشراف الفعّال بالتأكد من وجود مشرفين ذوي خبرة لمتابعة تنفيذ العمل وتقليل الأخطاء، وتدريب العمال على الاستخدام الأمثل للمواد، وإعادة التدوير بإنشاء نظم لإعادة تدوير المواد المهدرة، مثل المعادن والخرسانة والخشب، وإعادة استخدامها في نفس المشروع أو مشاريع أخرى، ويمكن للملاك تحقيق توازن بين تقليل الهدر وخفض التكلفة، دون المساس بجودة المشروع أو الجدول الزمني للتنفيذ».
تحليل البيانات
أبان المهندس محمد سعد العباد «مهندس مشاريع»، أنه في عالم الإدارة الحديثة، يعد تقليل الهدر أحد أهم الأهداف التي يسعى إليها ملاك المشاريع، لأنه يعد من أكبر التحديات التي تواجه الشركات، إذ يؤثر بشكل مباشر على الربحية والكفاءة، ويمكن لملاك المشاريع تنفيذها لتقليل فاتورة الهدر، وذلك بتحليل البيانات، فمن الضروري البدء بجمع وتحليل البيانات المتعلقة بالعمليات، باستخدام أدوات التحليل، يمكن تحديد مصادر الهدر بشكل دقيق، سواء كان ذلك في المواد أو الوقت أو الموارد البشرية، وتحسين العمليات».
وأضاف، «يعد تحسين سير العمل خطوة مهمة في تقليل الهدر من خلال مراجعة سير العمل وإعادة تصميم العمليات، يمكن تقليل الخطوات غير الضرورية وزيادة الإنتاجية، والتدريب والتوعية، ويعد التدريب جزءًا أساسيًا في تقليل الهدر، ويجب على ملاك المشاريع تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية لتعزيز الوعي بأهمية تقليل الهدر وأفضل الممارسات لتحقيق ذلك، إضافة إلى تطبيق التكنولوجيا التي يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في تحسين الأداء، علاوة على التخطيط الدقيق الذي يعد أحد أهم العوامل في تقليل الهدر من خلال إعداد خطط دقيقة ومفصلة لكل مشروع، كما يمكن توقع التحديات المحتملة وتقليل الفاقد الناتج عن الأخطاء».
الذكاء الاصطناعي
أشار الدكتور علي فهد الجوف «مختص تقنيات بناء ومحكم هندسي خليجي معتمد»، إلى أن الذكاء الاصطناعي له أثر كبير في البناء، فيمكنه أن يقدر الحاجة من مواد البناء ومستلزماتها، وبالإمكان العمل على حصر كل الأعمال قبل التنفيذ بالبرامج الهندسية المتخصصة، التي يعمل عليها القليل جدا من الشركات الهندسية والمقاولات، وهذا ما يتم فعليا في مشاريع تخصصية، وحيث إن هذه الشركات تحاول العمل على تقليل الهدر بأكبر قدر ممكن حفاظًا على البيئة، يتم حصر الأعمال قياسًا ببرامج هندسية لها أثر في تقدير الكميات المطلوبة واحتساب تكاليفها.
وأضاف، «الأمر المهم هو استخدام تقنيات البناء الحديثة، ومنها تقنية البناء بالحديد البارد، الذي يساعد بشكل كبير في معرفة الكميات وإنجاز المشروع في الوقت المحدد دون تأخير، والانتهاء قبل الجدول الزمني المحدد من قبل المالك».
كثرة مقاولي الباطن
لفت الجوف إلى أن «البرامج الهندسية، وإدارة المشروع هندسيا من مكاتب إدارة المشاريع تعد من أبرز الخطوات للمساعدة في خفض فاتورة البناء، بدلًا من العمل فيها مع المالك شخصيًا، والعمل لكامل التصاميم الداخلية والخارجية كما هو متعارف عليه في المشاريع النموذجية، وهذا فعليًا غير مطبق بتاتا في مشاريع الإنشاء الشخصية، أو حتى لدى بعض شركات التطوير العقاري غير المهتمة بالتكنولوجيا الحديثة، إضافة إلى العمل على المشاريع مع غير المختصين في ذلك، وهو ما يعد من الأسباب الرئيسة للهدر، حيث يتم اللجوء إلى هؤلاء نظرًا للسعر الأقل، وهو ما يقابله جودة أقل وسوء في التنفيذ أو توقف المشروع، وكذلك العمل دون عقود صريحة وواضحة التفاصيل والمعالم ما يؤدي إلى الاختلاف في المشاريع، وكثرة مقاولي الباطن في المشروع أو تسويق المشروع لأكثر من مقاول باطن مما يؤدي إلى خفض القيمة ويقابله سوء تنفيذ ويزيد الهدر الكبير في فاتورة المشروع».
تتبع النفقات
طالب المهندس خالد الظفر بضرورة تطبيق الإدارة الرشيقة، وذلك بتقليل الفاقد وزيادة القيمة من خلال تحسين العمليات، وفهم كل مرحلة من مراحل البناء لتحديد الهدر المحتمل، سواء كان في الوقت أو المواد، وتطوير ثقافة التحسين المستمر لتحسين الكفاءة وتقليل الهدر، واستخدام أدوات قياس الأداء «مؤشرات» لمتابعة مدى فعالية الإجراءات المتخذة في تقليل الهدر، إضافة إلى اختيار المواد المناسبة، والمتوافقة مع احتياجات المشروع، وتصميم مبان بمرونة تسمح بتعديل الاستخدامات دون الحاجة إلى تغييرات كبيرة تؤدي إلى هدر المواد، والعمل مع خبراء في المواد والتصميم لضمان تحقيق الأقصى من الفائدة مع أقل كمية من الهدر، داعيًا إلى استخدام برامج تصميم ثلاثية الأبعاد للتصور قبل التنفيذ، مما يسهم في اكتشاف أي مشاكل محتملة في التصميم.
ولفت إلى أن ذلك يعزز من استدامة المشروع ويعكس التزام الملاك بالمسؤولية البيئية، وأن الاستثمار في تحسين العمليات والتصميم يمكن أن يؤدي إلى نتائج إيجابية على المدى الطويل، ويجب أن تتضمن الدراسات تقديرات دقيقة وواقعية للاحتياجات الفعلية.
وأضاف، «يجب تتبع النفقات، واستخدام أدوات محاسبية لمراقبة النفقات بشكل دوري يساعد في تحديد أي تجاوزات أو هدر في الموارد، وبناء علاقات قوية مع الموردين للحصول على أفضل الأسعار والتأكد من توفر المواد بشكل مستمر».
نسب الهدر في المشاريع الإسكانية للأفراد
الهدر العام
3 % إلى 10%
حديد التسليح
النسبة المقبولة 3% إلى 5%
الخرسانة الجاهزة
النسبة المقبولة من 1% إلى 2%
البلاط والسيراميك
النسبة المقبولة من 5% إلى 10%