بلاد الشام، تلك الأرض التي تحمل إرثًا عريقًا وثقافة غنية بالعمق والتنوع، تظل شاهدة على التاريخ بكل مراحله، وتجسد ملامح الحضارة والهوية التي نشأت على مدار قرون رغم التحديات التي واجهتها هذه المنطقة، إذ تبقى الثقافة الشامية دعامة متينة لمجتمعاتها، حيث تحتضن القيم والتقاليد التي تنقلها الأجيال بحب واعتزاز، بدءًا من الفنون الراقية كالعمارة التقليدية، مرورًا بالشعر الذي ازدهر في العصور الإسلامية، وصولًا إلى الحرف اليدوية المتقنة التي تُشكّل بصمة مميزة لهذه المنطقة.

هذا التراث الثقافي العريق يجد اليوم أصداءً حية في الرياض من خلال فعاليات "أيام بلاد الشام" في حديقة السويدي ضمن مبادرة "تعزيز التواصل مع المقيمين"، التي أطلقتها وزارة الإعلام بالتعاون مع الهيئة العامة للترفيه تحت شعار "انسجام عالمي"، حيث تأتي هذه الفعاليات كجسر للتواصل الثقافي بين المقيمين من أبناء الشام والمجتمع السعودي والمقيمين الآخرين، مسلطةً الضوء على جماليات تراث بلاد الشام وتاريخه الفريد، وتعزيز الروابط بين المجتمعات التي تشترك في القيم والتقاليد.

وتلعب الموسيقى في بلاد الشام دورًا حيويًا في حفظ الهوية ونشر الأمل، فألحان العود وأصوات الدفوف ومقطوعات الموشحات الشامية لا تحمل فقط عبق الماضي، بل تبعث أيضًا شعورًا بالسكينة، وتخلق مساحة للتعافي وتجديد الروح، وتُبرز هذه الألحان خلال "أيام بلاد الشام" قدرة الثقافة على لمّ الشمل وإحياء الأمل في النفوس.

كما شهدت الفعاليات عرض التعبيرات الفنية الأخرى، مثل المنسوجات اليدوية المزخرفة والنقوش التقليدية التي تزين البيوت والمساجد القديمة، وتعد هذه الفنون رموزًا بارزة للتراث الشامي، حيث يستعيد العاملون عليها شعور الاستقرار، ويمنحون زوار الفعالية لمحة عن الجمال الذي يتوارثه أهل الشام ويعتزون به.

في ختام فعاليات "أيام بلاد الشام" ضمن مبادرة "تعزيز التواصل مع المقيمين"، نجد أن تراث بلاد الشام يشكل مصدرًا استثنائيًا للإلهام والقوة، حيث يروي قصص الأمل والتجدد.

ورغم التحديات، يبقى اعتزاز أهل الشام بتراثهم الغني رمزًا لوحدة المجتمعات الشامية وروحها، مما يُشكّل جسرًا متينًا نحو مستقبل أكثر إشراقًا، يعيد للأجيال شعور الانتماء ويجدد حلم الحياة المزدهرة.