السؤال متى يصبح الإنسان أعسر؟!
تابع العالم الإيرلندي بيتر هيير أجنة في أرحام أمهاتهم بواسطة التصوير التلفزيوني أو السونار، فوجد قرابة 90 % من هؤلاء الأجنة يمصون الإبهام الأيمن، واستمر هؤلاء الأطفال باستخدام يدهم اليمنى بعد ولادتهم حتى كبروا، بينما ثلاثة أرباع الأجنة الذين مصوا إبهامهم الأيسر استمروا في استخدام يدهم اليسرى حتى كبروا، يعني هذا أن ربعا منهم أصبح يستخدم يده اليمنى. ويوضح هذا دور المحيط والبيئة في تغيير الموروث. وعادة يبدأ الطفل في تفضيل استخدام إحدى يديه على الأخرى ما بين سنة إلى سنتين من العمر. ووجدت دراسة سويدية سابقة، أن النساء المصابات بالاكتئاب أو التوتر أثناء الحمل أكثر عرضة لأن يكون لديهن أطفال مختلطون أو عسر، وفي دراسات أخرى، كان الطفل ذي الوزن المنخفض عند الولادة، أو المولود لأم أكبر سنًا، أكثر عرضة لأن يكون أعسر أيضًا.
تفضيل استخدام يد عن أخرى، هو أحد وظائف الدماغ، وهذا يرتبط بمهام الإدراك، فاستخدام اليد اليسرى يدل على تطور الشق الأيمن من المخ، وهو مسؤول عن الاستنتاج والتذكر، لذلك هم متفوقون في تحديد المواقع ولديهم موهبة في قراءة الخرائط. الإبداع أيضا نتاج نشاط الفص الأيمن من الدماغ، والعُسر لديهم حزمة ألياف عصبية أكبر تربط بين شقي الدماغ، ما يؤدي إلى قدرة أعلى في معالجة المعلومات بين الفصين.
وفي دراسة أسترالية ذكرت أن أصحاب اليد اليسرى أكثر قدرة من نظرائهم في استيعاب مجموعة كبيرة من المعلومات في وقت قصير، بينما أظهرت الأبحاث الحديثة أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض عقلية أغلبهم عسر، وأنهم أكثر معاناة من الاضطرابات النفسية واعتلال المزاج وحالات الاكتئاب، حيث يشخص 11 % من الأشخاص العسر باضطرابات مزاجية إلى جانب %40 يعانون من انفصام الشخصية، ولا غرابة أن يجتمع الإبداع بالجنون فكلاهما خارج عن المألوف.