تحتفل العلا سنويًا بيوم ما يسمى بـ«الشنة»؛ وهي القِرَبْ الحافظة للتمور، والتي كانت تستخدم في الموروث القديم كإحدى الوسائل التي يستخدمها مزارعو العلا لحفظ التمور.

وكان المزارعون يعتمدون حفظ التمور بـ«الشنة» للمحافظة على جودتها على مدار العام، مع إمكانية استخدامها في التنقلات.

ولم يقتصر استخدام «الشنة» على حفظ التمر فقط، بل تحولت لأن تكون إحدى دلالات الكرم عند تقديمها إلى الضيوف، أو استخدامها لتكون هدية.


وتعد «الشنة» المصنوعة من جلود الماعز أو الضأن حافظة جيدة للتمور ما لم تتعرض إلى الرطوبة، شرط أن تتم المحافظة على إغلاقها جيدًا.

استعراض سنوي

تركز العلا سنويًا، وخلال موسم مهرجان التمور على استعراض المزارعين لعملية حشو التمر بالشنة، وطريقة إغلاقها، حيث يفعلون ذلك أمام الزوار، كما يستعرضون الطرق والأساليب المستخدمة في ذلك.

وتحول الاحتفاء بـ«الشنة» إلى يوم مهم لمزارعي وزوار محافظة العلا، يؤكد على تمسك المحافظة بموروثها الشعبي على الرغم من وجود تقنيات حديثة باتت معتمدة للمحافظة على التمور، حيث يؤكد المزارعون أن للتمر المحفوظ بـ«الشنة» نكهة خاصة يستطيبونها، ويصرون على أنها تمتاز عن غيرها.

إحياء الموروث

حرصت الهيئة الملكية لمحافظة العلا على إعادة إحياء هذا الموروث الشعبي الذي يعد جزءاً مهماً من تاريخ وثقافة المحافظة، حيث جاء هذا الحرص في إطار تمسكها بمنظومة التراث والطبيعة، خصوصا أنها تمتاز بتاريخ يعود إلى آلاف السنين من الإرث الإنساني والطبيعي الفريد.

ولم يقتصر استخدام «الشنة» على أهالي محافظة العلا فقط، بل كانت تستخدم في الجزيرة العربية ككل، وما زالت موجودة إلى وقتنا الحاضر.

ويبدأ التخزين بـ«الشنة» منذ جني التمور بمختلف أنواعه، حيث تسبق مرحلة التخزين التنظيف، والرش بالماء، ومع اشتداد حرارة الشمس يتم حشوها وخياطتها داخل الشنان، باستخدام جريد النخل، ثم تعرض بعد ذلك في الشمس لفترة معينة، ليتم حفظ التمر داخل تلك «الشنة» لفترات طويلة قد تصل إلى سنوات، وعادة ما يتم فتح «الشنة»، وتقديمها للضيافة عند قدوم الضيوف، وفي شهر رمضان المبارك.

توضيحات وتعليقات

يقول المزارع، عبدالرحمن زعير، إن «الشنة هي عبارة «القربة» البالية، وهي التي انتهت صلاحيتها بعد ما يشرب بها الماء ولا تعود تحفظه، ويبدأ بالسيلان منها قطرة قطرة، وقد فكر الأوائل في استخدامات أخرى لها، وحولوها لتكون حافظة للتمر باعتباره الغذاء الكلي».

وأضاف «الشنة عبارة عن جلد حيواني يصغر ويدبغ وينظف من الشعر، ويوضع فيه التمر الحلوى الحمراء والحلوى البيضاء فقط لا غير».

من جانبه، يشير المزارع، موسى الصقير، إلى أن «الشنة تغلق بالخيط والمخيط حتى لا يدخلها الهواء ولا تتعرض إلى الرطوبة»، ويؤكد أن التمر المحفوظ بـ«الشنة» له طعم خاص ومستساغ لا يماثله غيره»، أما المزارع، عافت العنزي، فيجزم «كلما زادت مدة التمر في الشنة لفترة أطول زادت الجودة».

انتعاش المبيعات

يذكر أن سوق المزارعين قدم، خلال فعاليات موسم تمور العلا، فرصةً لعدد من المزارعين لتسويق تمورهم المتنوعة، حيث شهد انتعاشًا في حركة البيع والشراء نتيجة الإقبال الكبير من الزوار، ولم يقتصر السوق على بيع التمور فقط، بل ضم عددًا من المنتجات المبتكرة والمصنوعة من التمور، إلى جانب ما تقدمه الأسر المنتجة من منتجات مختلفة، وسط بيئة منظمة ومهيأة وجاذبة.

وخصص المهرجان جانبًا للطفل في سوق المزارعين، ووجد إقبالًا لافتًا من الأطفال، حيث يتم من خلاله تدريبهم على طريقة الزراعة، ويبدأ الطفل بتجربة حية للزراعة من خلال وضع التربة، ثم يقوم بزراعة البذور ثم يسقيها بالماء.

كما يتم خلال قسم الطفل، عمل لقاءات مع الأطفال وشرح تجربتهم بالزراعة، والحديث عن زراعة النخيل وأنواع التمور بالعلا، مع مسابقات خاصة بالزراعة وأسئلة عن الزراعة والتمور.

يذكر أن الهيئة الملكية لمحافظة العلا، أطلقت فعاليات سوق المزارعين بحي المنشية ضمن موسم تمور العلا، الذي استقبل زواره حتى التاسع من نوفمبر الجاري، وقدم مجموعة من الفعاليات المتنوعة والمنتجات المحلية والحرف اليدوية.

كما قدم المهرجان مزادًا استمر حتى نهاية المهرجان في موقعه بجوار ملعب الإسكان جنوبي العلا، وشكل المزاد تجربة اقتصادية واجتماعية، للوصول بمنتجات تمور المزارعين إلى الأسواق العالمية.

الشنة

ـ قربة تستخدم لحفظ التمور.

ـ مصنوعة من جلد حلواني يكون على الأغلب جلد ماعز أو ضأنًا.

ـ تقفل الشنة جيدًا حتى تحفظ من الهواء والرطوبة.

ـ يتم تقديم التمر فيها كدلالة على الكرم.