في الوقت الذي ارتفعت فيه الشكوى من ارتفاع قيمة المهور، أصدرت لجنة ملتقى تيسير الزواج منتصف أكتوبر الماضي، وثيقة تحديد المهور في منطقة جازان، وذلك تخفيفًا عن كاهل المقبلين على الزواج.

ولم تكن هذه هي الوثيقة الأولى التي يتم الاتفاق عليها، حيث أُصدرت وثيقة مشابهة قبل نحو 5 سنوات ماضية، لتحديد المهور، بعد اجتماع عدد من المشايخ والمختصين مع أمير المنطقة وقتئذ، لكن لم يتم الالتزام بها، وتسابقت عدد من القبائل في محافظات جازان إلى تحديد المهور سابقًا، إلا أن محاولتها باءت بالفشل.

وفي الوقت الحالي، فتحت لجنة ملتقى تيسير الزواج بابًا لن يقفل بسهولة، بعد اعتماد وثيقتها ومباركتها، وهي تأمل من خلالها تنفيذ المبادرة دعمًا للشباب والفتيات، إلا أن سؤال كثيرين بقي محصورًا بمدى الإلتزام بهذه الوثيقة؟، وهل ستتحول لتكون مجرد استهلاك إعلامي؟، ولماذا لم يبادر أصحاب الشأن إلى تفعيلها؟، وهل سيمكن إشراك التجار وملاك قصور الأفراح في دعم المبادرة ودعم المقبلين على الزواج؟.


الأصل عدم التحديد

كشف المختص الشرعي، إمام وخطيب جامع الرفاعية، الشيخ حسين معافا لـ«الوطن»، أن الأصل هو عدم تحديد المهر لا للبكر ولا للثيب، ولكن إذا اجتهد أهل بلد وحددوا المهر فلا بأس في ذلك.

تحديد المهور

سنّت منطقة جازان سنة حسنة في تحديد المهور للزواج، والتي تمثلت في 60 ألف ريال للبكر، و30 ألف ريال للثيب، وبارك أمير منطقة جازان هذه السنة واعتمدها، إلا أن أهالي منطقة جازان انقسموا إلى فريقين بين مؤيد لها ومعارض، وتباينت معها ردود الأفعال، وتمسك كل فريق بآرائه، وإن كانوا قد اتفقوا على رأي وشرط وحيد، وهو إشراك رجال الأعمال وملاك قصور الأفراح في المبادرة، ودعمهم للمقبلين على الزواج من خلال تخفيض أسعار القصور المبالغ فيها، ودعم المتزوجين بمبالغ مالية تيسيرًا لهم، ومباركتهم لهذه الخطوة.

وجاءت هذه الخطوة على خلفية المبالغات الكثيرة التي شهدتها منطقة جازان في الأعراس، والتي طالب كثيرون بالقضاء عليها ومكافحة البذخ والبهرجة الاجتماعية، وحب المظاهر.

اتفاق على التكاليف

اتفق كثيرون على أن تحديد قيمة المهور تترك في معظم محافظات جازان للحريم، حيث يشيرون إلى أن الاتفاق على قيمة المهر تترك لنقاش والدتي العريس والعروس، وتترك لهما كذلك مسألة الاتفاق على كافة التكاليف التي يرتبها العرس.

ويعد اتفاق الحريم يحضر أولياء الزوج إلى منزل أولياء الزوجة، ويتقدمون رسميًا بخطبتها، وهنا تتم تلاوة الشروط، والاتفاق عليها، وتحديد موعد الملكة والذهاب إلى تناول العشاء، ومباركة الخطبة.

مسؤولية المشايخ

رمت لجنة ملتقى تيسير الزواج في منطقة جازان الكرة في مرمى مشايخ القبائل، والأسر، حيث تولت مسؤولية تحديد المهور التي تم توقيع أعيان المنطقة عليها، وتحديد المهر شاملا كافة تكاليف الزواج من ذهب وعشاء وغيره، للتيسير على الشباب والشابات في موضوع الزواج.

وأكدت اللجنة أن قضية تحديد المهر في كل قبيلة يجب أن تبدأ من الأسرة ومشايخ القبائل بشكل عام، لمساعدة المقبلين على الزواج لبناء أسرهم واستقرارها.

ورأى كثير من المعارضين للوثيقة، أن الـ60 ألف ريال التي حددت قيمة للمهر، لا تكفي في الوقت الحالي نظرًا للغلاء الفاحش وارتفاع أسعار الذهب، وأسعار قصور الأفراح التي التي يستغل أصحابها مواسم الزواجات لرفع الأسعار إلى 30 و40 ألف ريال لليلة العرس، إلى جانب ارتفاع أسعار المواشي، وجلب المطربات لإحياء الفرح.

وتمثل أسعار المطربة الواحدة لإحياء حفلة الزواج نحو نصف سعر المهر المعتمد بالوثيقة، وهي تراوح بين 25 و30 ألف ريال للمطربة الواحدة، مؤكدين أن الدور الأهم للقضاء على تكاليف الزواج هو إجبار التجار ورجال الأعمال أولا على دعم المقبلين على الزواج، وتخفيض أسعار قصور الأفراح، ثم يأتي بعدها دور الأسرة في الحد من التكاليف الأخرى.

الفرق بين البكر والثيب

حددت لجنة ملتقى تيسير الزواج 60 ألف ريال للبكر، و30 ألف ريال للثيب، وشهدت فروقات بينهما، لما تملكه البكر من ميزات عن الثيب.

وأوضح المختص الشرعي، وإمام وخطيب جامع الرفاعية، الشيخ حسين معافا لـ«الوطن»، أن هناك فروقات لدى العرب، فالثيب أحق بنفسها من وليها، وأن البكر تستأمر وإذنها سكوتها، مؤكدًا أن الأصل هو عدم تحديد المهر لا للبكر ولا للثيب، لكن إذا اجتهد أهل بلد وحددوا فلا بأس، مشيرًا إلى أن السنة هي التيسر في المهور، وأن البكر مهرها أكثر لكثرة الرغبة فيها، ولوجود وبقاء بكارتها، خلافًا للثيب التي قد ذهبت بكارتها، فهذه الزيادة مقابل ذهاب البكارة.

مشكلات اجتماعية

أكد عضو ملتقى تيسير الزواج في منطقة جازان، الدكتور محمد المعشي لـ«الوطن»، أن «تحديد المهر يجب أن يبدأ من شيخ القبيلة، والأسرة، لمساعدة الأبناء والبنات».

وأشار إلى أن «التكاليف الباهظة تؤثر على بناء الأسرة، وتسبب مشكلات اجتماعية لن يشعر بها الزوجان إلا بعد 6 أشهر أو بعد السنة الأولى من الزواج».

وبين أن «الوثيقة ركزت على أن يكون المهر 60 ألفًا للبكر، و30 ألفًا للثيب، وأن الملتقى حقق نجاحًا كبيرًِا»، مؤكدًا أن ثمار النجاح ستأتي بعد التزام مشايخ الشمل بمحاور الوثيقة والملتقى، ونتطلع أن يكون النجاح حليف المبادرة والوثيقة.

وبين أن «الهدف الأسمى من الوثيقة هو التيسير على أبنائنا وبناتنا، لكي يستطيعوا بناء أسر دائمة، وأسر خالية من الديون، ليس لديها تكاليف مالية فوق طاقتها».

تحديد المهور

أفاد المعشي أن «مميزات تحديد المهور بـ60 ألفًا للبكر، و30 ألفًا للثيب شاملة كل شيء تعد ميزات كثيرة، أبرزها، عدم إثقال كاهل الشاب وأسرته في تكاليف مالية مبالغ فيها تؤثر على استقرار واستمرار الأسرة بعد الزواج، وإلغاء ليالي الزواج المتعددة والمنتشرة بكثرة في المنطقة، والاكتفاء بليلة الزواج فقط، واستطاعة الشباب بناء بيت، وبناء أسرة مستمرة ومستقرة، وشراء سيارة، وتوفير الأثاث، وتوفير مبلغ مالي لقضاء شهر عسل داخل المملكة أو خارجها، وتحقيق وفر مالي يستفيد منه الزوج في حياته الأسرية، بدلا من المبالغة في المهور، والقضاء على البذخ الاجتماعي والمفاخرة الاجتماعية».

تطبيق فعلي

أكد المعشي أن «المبادرة ما زالت في بدايتها، وسيتم بدء العمل على الخروج بتوصيات اللجنة من الجانب النظري إلى التطبيق الفعلي للمبادرة».

وأشار إلى أن «هناك أكثر من جهة ستشارك في تنفيذ وتفعيل هذه المبادرة، وأن التجار وأصحاب قصور الأفراح فيهم الخير، حيث إنه في ليلة المبادرة قدم اثنان من أصحاب القصور مبادرة خصم للمتزوجين خلال الفترة المقبلة، وتقديم إحدى الأمهات الحاضرات للملتقى استعدادها التام لتزويج ابنتيها البكر بـ60 ألف ريال لكل منهما، شاملة كل شيء، وأن هذه بداية مبشرة وفأل حسن للجنة لتحقيق النجاح».

خطوة مباركة

أوضح الناشط الاجتماعي خالد آل سالم لـ«الوطن»، أن «موضوع تحديد المهور يحثنا عليه ديننا الحنيف، فأيسرهن مهرًا أعظمهن بركة، ثم إنه من السنة تخفيف المهر، وأن الله أمرنا أمرًا مباشرًا في القرآن الكريم بقوله: «أطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم»، فمن منطلق هذه الآية الكريمة، تقدم ولاة أمرنا ممثلين في الشيوخ وأعيان البلد وأميرنا المحبوب بمباركة هذه الخطوة، وتحديد سقف المهر للبكر 60 ألف ريال، وللثيب 30 ألف ريال، وأن في ذلك تخفيف أعباء وأحمال ثقال، كان الشاب معها في السابق لا يقدر عليها، وأدت إلى تأخر بعضهم في الزواج إلى سن 30 سنة وأكثر».

وأضاف أن «القرار صائبًا وحكيمًا، ويتوافق مع الشريعة الإسلامية، ومن شأنه أن يدفع عجلة تنمية المجتمع، ويعود بالنفع على الأسرة نفسها، ومكافحة الديون التي تثقل كاهل الشباب»، مطالبًا أولياء الأمور بالشراكة مع هذا القرار وإقراره وتنفيذه، حتى تكون سنة حسنة لسائر المنطقة، وقال «لا يجب إغفال دور رجال الأعمال وأصحاب قصور الأفراح، والضغط عليهم لتنفيذ المبادرة، وهناك دور كبير للإعلام في نجاحها».

وثيقة تحديد المهور

ـ أقرت في منطقة جازان لمواجهة ارتفاع المهور.

ـ باركها أمير المنطقة ومشايخ وأعيان المنطقة.

ـ تهدف إلى التيسير على الشباب والفتيات ليستطيعوا بناء أسر دائمة.

ـ حددت مهر البكر بـ60 ألف ريال شاملة كل تكليف ليلة الزواج.

ـ حددت مهر الثيب بـ30 ألف ريال.

ـ كثيرون يرون أن نجاح الوثيقة يحتاج إلى تعاون رجال الأعمال وملاك قصور الأفراح.

ـ معارضون للوثيقة يرون أن تحديد المهر بـ60 و30 ألفًا غير كافية.

ـ المعارضون يرون أن القيمة المحددة لا تكفي لارتفاع أسعار الذهب وأسعار قصور الأفراح.

ـ أسعار قصور الأفراح تصل إلى 30 و40 ألفًا لليلة العرس.

ـ كلفة الاستعانة بمطربة لإحياء حفل عريس تصل إلى 25 و30 ألفًا.