في ظل توفر جهات التدريب وتيسر وسائلها، سواء من خلال الدورات الحضورية أو التعليم عن بُعد، أصبحت سبل التعلم في متناول الجميع. ومع هذا الانتشار الواسع لفرص التعلم، تبرز أهمية الالتحاق بالدورات التدريبية الضرورية التي تعزز من كفاءة الأفراد وتجعلهم أكثر جاهزية للتعامل مع مختلف المواقف. من أبرز هذه الدورات التي ينبغي أن تكون متاحة للجميع ( دورة الإسعافات الأولية)، لما تحمله من أهمية بالغة في إنقاذ الأرواح وتعزيز السلامة العامة.

يجب أن تُدرج دورة الإسعافات الأولية كشرط أساسي للتوظيف في القطاعين الحكومي والخاص. فالقدرة على تقديم الإسعاف الأولي في حالات الطوارئ لا تقتصر على العاملين في المجالات الطبية فقط، بل تشمل كل فرد في المجتمع، سواء كان في مكتبه أو بالميدان، لأن الحوادث قد تقع في أي لحظة، ووجود موظف مدرب على تقديم الإسعافات الأولية يمكن أن يكون الفارق بين الحياة والموت في العديد من الحالات الطارئة ويكون سبب بعد الله سبحانه.

من ناحية أخرى يمكن دمج هذه الدورات ضمن النشاطات اللامنهجية في المدارس. حيث أن تدريب الطلاب على هذه المهارات الأساسية سيسهم في إعداد جيل واعٍ ومؤهل للتعامل مع الطوارئ. فضلاً عن أن هذه الدورات تغرس قيم المساعدة والتعاطف بين الطلاب، ما يجعلهم أفرادًا أكثر استعدادًا لمساعدة الآخرين في أوقات الشدة.


وتتجاوز أهمية دورات الإسعافات الأولية حدود إنقاذ الأرواح فقط، إذ تسهم في نشر الوعي الصحي وتعزيز الثقافة المجتمعية حول التعامل السليم مع الإصابات والحالات الطارئة. فالمعرفة بالأساليب الصحيحة للتعامل مع الإصابات البسيطة أو الحالات الخطيرة يمكن أن تقلل من المضاعفات وتساهم في تقديم العناية الأولية الضرورية حتى وصول الفرق المختصة.

لذا، ينبغي على الجهات المعنية العمل بجدية لتطبيق إلزامية الحصول على هذه الدورات، سواء من خلال توفيرها بشكل مجاني أو تقديمها بأسعار رمزية، وتوفير خيارات التدريب عن بُعد لضمان استفادة أكبر عدد ممكن من الأفراد. فالاستثمار في تعليم الإسعافات الأولية هو استثمار في سلامة المجتمع، ويعكس رؤية نحو مجتمع متكاتف قادر على التعامل مع الأزمات بوعي وكفاءة.