أحد أخطر هذه المخالفات هو انتهاك نظام حماية البيانات الشخصية، حيث تستخدم بعض الجمعيات بيانات الأفراد دون موافقتهم المسبقة. تم تسليط الضوء على حالات أنشأت فيها جمعيات حسابات باسم أفراد دون إذنهم، وهو ما يمثل تعديًا صارخًا على حقوق الأفراد وانتهاكًا لقوانين حماية البيانات. هذه التجاوزات تعكس عدم التزام بعض الجهات بالقوانين وتثير قلقًا بشأن الشفافية واحترام خصوصية المتبرعين.
بالإضافة إلى ذلك، تتفاقم المشكلة عندما تُستغل بيانات المتبرعين في حملات إعلانية مزعجة وغير مرغوبة. المتبرعون يجدون أنفسهم مستهدفين برسائل إعلانية متكررة من قبل الجهات الخيرية، سواء عبر المنصات الرسمية أو غير الرسمية، ما يؤدي إلى انزعاجهم ويدفعهم إلى التوقف عن دعم هذه الجهات.
هذه السلوكيات لا تضر فقط بعلاقة المتبرعين مع الجمعيات، بل تضر بسمعة القطاع ككل، وقد تصل في بعض الحالات إلى مستوى الجرائم الجنائية، خاصة إذا لم تتخذ الجمعيات إجراءات تصحيحية.
الجدير بالذكر أن بعض هذه المخالفات تعود إلى ضعف مستوى الاحترافية لدى العاملين في هذا القطاع، حيث يفتقر الكثيرون منهم إلى المهارات اللازمة للتعامل مع المستفيدين والمتبرعين بطريقة قانونية وأخلاقية. بالإضافة إلى ذلك، يغيب عن بعض هذه الجهات المستشارون القانونيون، ما يؤدي إلى تفاقم الوضع ويزيد من احتمالية وقوع المزيد من المخالفات.
لتعزيز الثقة في القطاع غير الربحي وضمان استمراره في أداء دوره الحيوي، يجب على الجهات المشرفة مثل المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي اتخاذ خطوات جادة وسريعة للحد من هذه المخالفات.
يتطلب الأمر فرض رقابة صارمة على جميع الجهات وضمان التزامها بالأنظمة، إلى جانب فرض عقوبات قانونية على المخالفين. كما ينبغي توفير برامج تدريبية مكثفة لرفع مستوى مهارات العاملين وضمان تفهمهم للقوانين المتعلقة بحماية البيانات والتعامل مع الشكاوى.
في الختام، يُعد القطاع غير الربحي جزءًا أساسيًا من التنمية المستدامة في المملكة، لكن لا يمكن تحقيق أهدافه إلا إذا بُني على أسس من الشفافية والالتزام بالقوانين.
ضبط التجاوزات الحالية ليس فقط ضرورة قانونية، بل هو أيضًا خطوة أساسية لبناء ثقة المتبرعين والمستفيدين وتعزيز دور القطاع في خدمة المجتمع.