ألقى شيخ الأزهر أحمد الطيب بثقله المعنوي أمس خلف عشرات الآلاف من المتظاهرين المتحشدين بميدان التحرير في مليونية "الفرصة الأخيرة" للمطالبة بتسليم الحكم إلى سلطة مدنية، فيما قرر رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي تحديهم بتكليف رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري بتشكيل حكومة جديدة. وهذه أول مرة منذ عقود يتبنى الأزهر، الذي يتم تعيين إمامه الأكبر من قبل رئيس الجمهورية، موقفا معارضا للسلطة في البلاد، حيث ألقى رئيس المكتب الفني لمشيخة الأزهر مندوب الشيخ الطيب خطابا أمام المتظاهرين أكد فيه أن "الإمام الأكبر يشارككم موقفكم ويدعو لكم بالتوفيق". ويعطي الدعم الصريح من قبل الأزهر ثقلا معنويا كبيرا لمطالب المتظاهرين في ميدان التحرير خصوصا أن جماعة الإخوان المسلمين، تقاطع هذه التظاهرات ولا تؤيدها. وانضم المديرالعام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، المرشح المحتمل للرئاسة المصرية إلى المتظاهرين الذين يطالبون المجلس العسكري بتسليم الحكم فورا إلى سلطة مدنية.

وفي الوقت نفسه، شارك الآلاف في تظاهرة مضادة تأييدا للمجلس العسكري في ميدان العباسية الواقع على بعد قرابة خمسة كيلومترات من ميدان التحرير.

كما اندلعت الاحتجاجات في العديد من المحافظات للمطالبة بإنهاء حكم العسكر، حيث وقعت اشتباكات بين محتجين والشرطة أمام مركز الشرطة بمدينة ملوي في محافظة المنيا في جنوب البلاد. وقال شاهد إن معارك كر وفر تدور بين المحتجين وقوات الشرطة في الشوارع القريبة، بعدما أصيب ضابطان وعدد من الجنود جراء الرشق بالحجارة. وفيما كان الأزهر يعلن دعمه للمتظاهرين أُعلن رسميا قرار المشير طنطاوي بتكليف كمال الجنزوري (78 عاما) تشكيل حكومة جديدة فيما بدا أنه رسالة إلى ميدان التحرير مفادها أن الجيش ماض في سياساته من دون تغيير.

واستقبل خبر تعيين الجنزوري في ميدان التحرير مساءَ الخميس بالاستنكار الشديد. كما انهال على مواقع الفيسبوك وتوتير العديد من التعليقات الساخرة التي تتهكم من اختيار رجل في سن الجنزوري لرئاسة الحكومة في الوقت الذي تزداد فيه المطالب بضخ دماء جديدة شابة في الحكم. وتقدم مئات المحتجين من ميدان التحرير أمس إلى مقر مجلس الوزراء تعبيرا عن رفضهم لتعيين الجنزوري رئيسا للوزراء. وحمل نحو خمسة من النشطاء أغطية، في إشارة إلى نية الاعتصام أمام مجلس الوزراء وربما لمحاولة منع الجنزوري من دخول المقر.

ومن جانبه، قال الجنزوري أمس إنه لن يتمكن من تشكيل حكومته قبل بدء الانتخابات التشريعية الاثنين المقبل. وأوضح في مؤتمر صحفي أنه طلب فرصة ليتمكن من تشكيل الحكومة ولن يتم ذلك قبل الانتخابات. وأضاف أنه طلب من طنطاوي "الصلاحيات الكاملة" التي تمكنه من القيام بمسؤوليات منصبه من أجل خدمة بلاده.

وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، طالب البيت الأبيض أمس المجلس العسكري بنقل السلطة إلى حكومة مدنية "بشكل عادل وشامل" على أن يجري ذلك "في أسرع وقت ممكن". وأضاف المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أن "الأهم هو أننا نعتقد أن النقل الكامل للسلطة إلى حكومة مدنية يتعين أن يجري بشكل عادل وشامل يلبي التطلعات المشروعة للشعب المصري، في أسرع وقت ممكن".

كما أعربت موسكو أمس عن أملها في أن تدعو مصر مراقبين روس لمتابعة الانتخابات التشريعية المرتقبة. وقال ميخائيل مارجيلوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى أفريقيا "نأمل أن تكون الانتخابات المقبلة في مصر ديمقراطية وشفافة كما كان ذلك في تونس".

وفي السياق، دان الاتحاد الأوروبي أمس "العنف المفرط" في تعامل قوات الأمن المصرية مع المحتجين، وحث السلطات المصرية على التحرك بسرعة أكبر تجاه تسليم السلطة لحكومة مدنية. وأضاف أن الاتحاد الأوروبي يتوقع إجراء تحقيق مستقل في الأحداث التي شهدتها القاهرة. وكررأن الاتحاد الأوروبي يأسف لخسارة أرواح ويؤكد أنه "يجب ضمان القانون والنظام بطريقة تحترم حقوق الإنسان".