المبايعة عهد وميثاق. وقد شرح ابن خلدون البيعة فقال: "هي العهد على الطاعة، فالمبايع يعاهد أميره على أن يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين، لا ينازعه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره".. من ذلك كرم الله المرأة في الإسلام وأعلى من شأنها في مواقف كثيرة، ولعل من أهمها ما ورد في سورة الممتحنة بشأن مبايعة النساء للرسول صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة وقد أخذ منهن البيعة مواجهة، فمبايعة النساء لها أصل في التشريع الإسلامي، وقد استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء المبايعات، فبادرت المرأة إلى الطلب من الرسول الكريم بأن تبايعه، ووافق وأخذ منهن البيعة مباشرة ونصحهن النصيحة الواردة في الآية 12، وكانت للنساء بيعتان كما ورد في السيرة النبوية، وقد تم توضيحها ومقاصدها في كثير من التفاسير، وليست بيعة واحدة، وكون المرأة ذهبت للرسول بنفسها لتبدي رغبتها في مبايعته ووافق يدل على وعي المرأة في ذلك العصر بضرورة أن تسمع مباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم، وبه دلالة على الحق الشرعي للنساء كافة.. طالبن به واكتسبنه عن طيب نفس، وهو يعني التكامل الذي أمرالله به نبيه صلى الله عليه وسلم فيما بين النساء والرجال.

قد تكون عصفت بالمرأة أحداث وظروف وعدم رؤية واضحة بكيفية التعامل معها في مسيرة طويلة للتاريخ الإسلامي، ما بعد عهد الخلفاء الراشدين فغم الأمر علينا نحن النساء في تفسيرات كثيرة لأمور تخصنا ومنها البيعة لولي الأمر. كل هذا ورد على ذهني وأنا أرى وأسمع مبايعة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان من قبل المواطنين وليا للعهد، فالمرأة لديها حس وطني فائق وهي التي تلهم أولادها منذ الصغر حب الوطن والولاء. وهنا أقول لِمَ لا تبايع النساء ويشاركن في البيعة؟ واحتراما لعاداتنا والعرف الاجتماعي، فلتكن بيعة النساء عن طريق برقيات أو سجل يوضع في جهة عمل المرأة أو سجل في كل إمارة أو محافظة تبايع من خلاله، فستجدون أعداد النساء في لحظة إنسانية أضعاف أعداد الرجال، لأن المرأة السعودية بالذات تعتز بوطنها وقادتها؛ فنساء الرياض مثلا على مدى خمسين عاما ولدن وتزوجن وأصبح لهن أبناء وأحفاد وهن معاصرات لولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان عندما كان أميرا لمنطقة الرياض، فهو في ذهنهن الأب الحاكم الذي وقف مع كل بيت في فرح أو عزاء أو مرض.. أوليس له حق عليهن؟