حوّلت آليات وعمالة بعض الشركات من أعمال نهل الرمال إلى مصائد للعربات والبشر، حيث صارت الحفر التي خلفتها جراء عملياتها أشبه ما تكون بالكمائن التي تصطاد العابرين عند هطول الأمطار الغزيرة وجريان السريان.

وكثيرًا ما تباغت الحفر الناجمة عن تلك الأعمال وسط الأودية التي تغير تلك الأعمال معالمها ما أدى إلى أكثر من حادثة، غرق شهدت منطقة جازان بعضا منها في الآونة الأخيرة.

ولاحظت «الوطن» في جولة لها شملت أحد مواقع نهل الرمال وجود حفرة عميقة جدًا صارت تجمعًا لمياه الأمطار، مشكلة خطورة بالغة، دون وجود لوحات تحذيرية تدل عليها.


مخاطر جسيمة

يقول سالم جيلان، وهو من أهالي منطقة جازان، إن «نهل الرمال من قبل بعض الشركات لاستخدامها في ردم مواقع تجارية ومخططات سكنية يتسبب في تكوين حفريات عميقة على مساحات واسعة وقريبة من أحياء سكنية وقرى وهجر آهلة بالسكان، وفي ذلك مخاطر جسيمة على الأخص في مواسم الأمطار، حيث تتحول إلى تجمعات ومستنقعات مياه آسنة، تتنوع مخاطرها بين تجمعات البعوض والحشرات والزواحف السامّة من جهة، وكذلك مغبة الوقوع فيها من قبل قائدي السيارات والشاحنات ليلًا من جهة أخرى، إضافة إلى مخاطر استخدام بعض الفتيان والشباب لها للعوم والسباحة».

وأشار إلى أن قرى وادي جازان التي تكثر بها مثل هذه الحفريات شهدت كثيرًا من الفواجع، لعل أقربها وفاة أحد الفتيان قبل شهرين تقريبًا في حفرة، ومستنقع مياه آسنة خلفتها إحدى الشركات بين قرية رديس، وخبت سعيد بالقرب من طريق أبوعريش صبيا، والكوبري الذي انهار بموسم الأمطار وكانت بلدية وادي جازان قد حذرت من هذا الموقع سلفًا.

احتياطات سلامة

يفترض أن تكون الحفريات ونهل التربة في مواقع بعيدة جدًا عن المواقع السكنية، مع إلزام الشركات العاملة فيها بوضع احتياطات سلامة وتحذيرات وإرشادات واضحة المعالم قبل وأثناء وبعد نهل التربة، ومن ثم معالجة تلك الحفريات وتسويتها رغم بعدها عن المساكن. كارثة بيئية يجزم العميد م. أحمد أبوسمرة بأن المستنقعات والحفريات المائية الناجمة عن نهل الرمال في وادي جازان تهدد أهالي المنطقة بكارثة بيئية، ويشدد على أنها أحدثت أضرارًا جسيمة سيكون لها تبعاتها البيئية والصحية والاجتماعية والاقتصادية، خصوصًا عند فتح السدود أو هطول الأمطار، وقد شهدت المنطقة هذا العام أمطارًا غزيرة جدًا وسيول لم تحدث بالمنطقة من سنين طويلة جدًا، ووجود هذه الحفريات ينذر بكوارث الغرق خصوصًا للمتنزهين أثناء هطول الأمطار، أو المركبات التي لن تكون قادرة مع هطول الأمطار على التنبه إلى تلك الحفريات الخطيرة.

استمرار المعاناة

تهدد الحفر العشوائية كذلك رعاة الأبقار والأغنام والجمال الذين يستخدمون الوادي، والذين قد تغيب عنهم رؤية تلك الحفر مع هطول الأمطار.

ومن هنا أبو سمرة الجهات المختصة، وبصفة عاجلة للطلب من الشركات المعنية ردم تلك الحفريات حتى تعود إلى وضعها الطبيعي، ومحاسبة غير الملتزمة منها وحرمانها من الترخيص للمحافظة على سلامة المواطنين والمقيمين. استثمار خفي أوضح المحامي الوليد طحطوح لـ«الوطن» أن قضية نهل الرمال تبقى من القضايا التي يتم تجاهلها، وتتلخص قضتها في محاولة بعض المقاولين وتجار الرمال نهل ونقل الرمال دون العمل على معالجة ما يخلفه عملها.

وبين أن نهل الرمال من الأودية جرد تلك الأودية وقضى على الغطاء النباتي، ومع ذلك تواصل شركات ومقاولي نهل ونقل الرمال عملهم باسطين سيطرتهم على الأودية لنهب الرمال في وضح النهار، ولم تجد كل مناشدات الأهالي في المنطقة للحيلولة دون وقوع الأضرار التي أحدثتها شركات نهب الرمال، وآخرها وفاة فتى سقط في أحد مواقع نهل الرمال التي أحدثتها تلك الشركات.

وبين أن هذه الظاهرة تشكل خطرًا على ساكني المناطق التي يتم فيها نهل الرمال، كما تسبب ضررًا شديدًا للطرق التي تصعب معالجتها بعد تلفها من كثافة القلابات المخالفة التي تنقل تلك الرمال في جنح الظلام.

تلويث الطبيعة

يضيف طحطوح «الجهل يقود سارقي الرمال إلى تلويث الطبيعة، وخفض قيمتها، وإتلاف الطرق، وتشويه جمال البيئة، كما يخلون بتوازن عناصر البيئة ويسببون خللا بـ«التوازن البيئي»، ولأجل ذلك رتبت جهات الاختصاص عددًا من العقوبات على أي فعل غير مشروع، من شأنه المساس بالأمن البيئي.

وقال: جاء نظام البيئة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/ 165) وتاريخ 1441/11/19 ولوائحه التنفيذية التي عرفت الإضرار بالبيئة بأنه تأثير سلبي في البيئة، يقلل من قيمتها البيئية أو الاقتصادية، أو يؤثر في إمكان الاستفادة منها أو يغير من طبيعتها، أو يؤدي إلى اختلال التوازن الطبيعي بين عناصرها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر حسب نص المادة الأولى من النظام.

وإشارةً إلى المادة الثالثة من نظام البيئة، فإنه لا يجوز لأي شخص ممارسة أي من الأنشطة البيئية أو التي لها أثر بيئي؛ إلا بعد الحصول على تصريح أو ترخيص من الجهات المختصة، وذلك وفقًا لما تحدده اللوائح، وجاء النص على تنظيم نهل الرمال وفقًا لنص المادة الـ14 من النظام، التي نصت على أنه على أي شخص قبل القيام بنهل أو استغلال الرمل أو الحصى أو الصخور أو الطين، الحصول على تصريح، وفقًا لما تُبيّنه اللوائح.

شركات ومقاولون يمارسون نهل رمال الأودية في جازان

الناهلون لا يتبعون إجراءات السلامة المطلوبة

الحُفر التي يخلفها نهل الرمال تتحول إلى مصائد للناس والمركبات

ناقلات الرمال المنهولة تسبب أضرارًا شديدة للطرقات

مطالبات باحتياطات سلامة تجنب الناس الوقوع في مصيدة الحُفر المباغتة