عندما نقف على واقع رؤية 2030، يتبين لنا أنها قدمت أفكارًا نوعية جديدة، عززت حياة المجتمع بما يعرف بـ «تكنولوجيا التغيير»، حيث طورت نوعية أفكارنا وجعلتنا على ثقة بنتائج أفعالنا، نعيش الحياة طبقًا للواقع، فما كان يبدو لنا مستحيلًا أصبح اليوم ممكنًا.

فالتطلعات التي كانت بمستوى الأحلام في أمس قريب ؛ صارت اليوم في متناول اليد.

لقد اختزلنا في أعوام قصيرة ما استغرق الدول التي سبقتنا أعوامًا طويلة، إذ لم تعد هنالك حواجز أو حدود، تستطيع أن تجهض تطلعاتنا وطموحاتنا. فنحن اليوم نمتلك المقدرات البشرية والتقنية، التي نستطيع بها أن نستفيد فائدة واعية، ونملك معطيات العلم الحديث.


لقد أبانت لنا، أن ما كنا نعتقده من مصاعب وعقبات وتحديات مستحيلة، كانت مجرد أوهام ومن هنا

تتجلى قدرة رؤية 2030، في إعادة صياغة المجتمع من جديد، مؤكدة سلامة وجهتنا، فقد كانت حركة تحول حضاري في التاريخ السعودي الحديث.

ونقطة تاريخية مفصلية وعنصرًا مهمًا من عناصر الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وهذا بلا شك يبرهن على مدى انسجام الرؤية مع مجريات الحياة، وتحولها إلى واقع مستقبلي جديد. ولذلك جاءت في أوانها، معبرة عن صورتنا الحقيقية ومحققة معنى التكامل في أعلى صوره.

دواعي التنوع لدينا كثيرة وقوية، وما علينا فعله هو مجاراة التطور، ليس من أجل أن نكون شيئًا، وإنما من أجل أن نصنع شيئًا. فقد تخلقت في الوعي الاجتماعي وأوجدت انسجامًا ما بين قيم الانتماء الديني والوطني وقيم الانفتاح الإنساني. فكانت قرارًا واعيًا أحدث تغييرًا نوعيًا في الأفكار والرؤى والحقائق والإرادات، أتاحت لكل فكرة وحدث أن يأخذ مداه في التطلع لما هو أحدث منه، وأتاحت للحياة أن تتدفق من جديد.

واليوم نعيش الزمن الذهبي في الإمكانات والفرص والخيارات والوفرة؛ لجعل هذا الجيل والآتين بعده من أفضل الأجيال على الإطلاق، فما تريده لنا الرؤية هو أن نعيش حياة طبيعية بمنطق العصر.

لقد لاحظ الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- بأننا نعيش في عالم متغير، ولا بد أن تختلف وسائلنا لمواجهة التحدي الكبير الذي يفرضه هذا العالم، عند ذلك أطلق -حفظه الله- مشروعه الكبير رؤية 2030 فانتقلنا من الدولة التي تسعى إلى التطور، إلى الدولة التي تصنع التطور. فكانت نهجًا رصينًا، وحركة تحول حضاري سواء على صعيد بناء المجتمع والتطلعات الجديدة أو التحولات الحضارية والعلاقات الدولية.

فالأمير محمد بن سلمان شاب يزخر بالنشاط والديناميكية والحيوية، محنك بالحكمة والتجربة في ذاته بذرة النشاط الإبداعي ونزعة التطور وإدراكه للواقع الموضوعي، إدراكًا واعيًا ومستنيرًا، لقد قدم نهجًا فكريًا رصينًا وأسس لرؤية عصرية متماسكة، تشكلت عبر خبرات وتجارب وقراءات وتأملات ونصج فكري واستشراف مستقبلي، فكانت واحدة من المشاريع الحضارية الكبرى في العصر الحديث.

فالأمير محمد بن سلمان نموذج شديد التميز، ذا حس سياسي خارق، وضع أنظاره منذ وقت مبكر على هدف التغيير والتحول، فبدأ مشروعه الكبير، وقاد توجهًا حضاريًا مستقبليًا فريدًا، فقد كان هاجس الرؤية يلح عليه، إلى أن حولها إلى واقع حضاري.

لقد طرحت الرؤية مفهومًا للإنسان المتطور والمفكر والفعال وأثّرت تأثيرًا عميقًا في الوعي المجتمعي وبالذات في الجيل الحالي.

والآن تجاوزنا الواقع، وبدأنا نركز على ما يحدث بعده، تلك هي قصتنا مع الرؤية التي دارت وتصاعدت في الوطن كله، فليس هنالك أعظم شيء في الحياة -كما يقول كورلس وباربوسنز- من أن تكون موجودًا لصناعة حياة الناس وبناء مستقبلهم، وهذا ما فعلته الرؤية.

يقول بانتنجلي: عندما تستيقظ القدرات والقوى والمواهب الكامنة داخلك فسوف تحيلك إلى شخص عظيم، أعظم من كل ما حلمت به. وهذا ماحدث باالفعل، رؤية ملهمة سنها وقادها الأمير الملهم محمد بن سلمان القائد التحويلي الذي دائمًا ينظر إلى الجانب المضيء والذي يفكر في الأفضل ويفعل الأفضل، قاد بلاده عبر سلسلة من الإنجازات غير العادية وبدور بارز أعاد صياغة المجتمع من جديد وفي فترة قصيرة.

وإلى ذلك يشير البروفيسور ألكس أنوكون من جامعة جورج واشنطون الأمريكية قائلًا: من خلال قراءاتي المتواصلة للتقدم الذي حدث في السعودية وجدت أن التطور الذي حدث فعليًا يسبق كل المعلومات.

لقد نجحنا في بناء رؤية جديدة وقوية ومتماسكة، لا تتعارض مع الأصالة والمعاصرة، رؤية تحيل إلى معنى التكامل في أعلى صوره.

واليوم محمد بن سلمان وضع أنظاره على المستقبل، وأحدث نقلة نوعية في مختلف الأصعدة تتملكه الأفكار الخلاقة والقدرات الإبداعية والحلول المبتكرة وآليات النجاح، فقد كان في كل مبادراته وتحركاته يصنع تاريخًا مشرقًا، أصبح -حفظه الله- محركًا للتاريخ، قاد سلسلة من المشروعات الكبرى، ونقل الأفكار والتقنيات الحديثة وفعلها في جذر التطوير، لقد كانت رؤية يقظة الوعي وقفت في وجه الحياة الضيقة الأفق، كانت القوة التي وحدت المجتمع وأوجدت أساسًا للحياة الحقيقية وعلى أفضل ما في العالم على الإطلاق، وأصبحت بلادنا المنارة التي تتجه إليها الأنظار.. تبنت كل القيم العظيمة، وأوجدت أساسًا للحياة الحضارية المعبرة عن روح العصر، فالعالم المشرق الذي صنعته أدخلنا القرن الواحد والعشرين لنعيش حضارة العصر، ونمارس فعل العصر، ونجاري التطور، محافظين على وحدتنا وقيمنا، فالغاية من ذلك كله أن نبقى في حالة ارتقاء دائم.

ولذلك لا بد من الاعتراف بأنها أعادت المجتمع إلى الواقع وطرحت مفهومًا جديدًا للحياة الحقيقية، وأثّرت تأثيرًا عميقًا في الوعي المجتمعي، وبالذات الجيل الحالي، فهذا الجيل يتلقى التأثيرات الإيجابية بصورة مباشرة وفعّالة، كما أن كفاءته الذهنية تمكنه من التفاعل مع الأفكار الجديدة.. لقد كانت الرؤية نهجًا رصينًا وقرارًا حكيمًا وتحولًا حضاريًا في التاريخ السعودي الحديث.

يقول توماس داير: الأشخاص الإيجابيون هم الذين يصنعون رؤية مستقبلية واضحة، متوجهين نحو الأهداف، ينظرون في النتائج، وينجزون أكثر من غيرهم، ويتقدمون للأمام بوتيرة أسرع، ويقدمون قدرًا أعظم من الإنجاز.. إنهم في حالة حركة دائمة.

لقد أفسحت الرؤية المجال للتقدم التكنولوجي والعلمي والاقتصادي لبناء حياة جديدة ذات طابع تجريبي تقوم على اليقظة الحضارية والتفرد النوعي.. فالتطور التاريخي الذي انفردت به بداية لعصر جديد، حيث تقدم نفسها للعالم بوصفها مشروعًا إصلاحيًا حضاريًا وإنسانيًا شاملًا.

فقد كان التزام الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بالإصلاح الحضاري كركن أساسي لكل الحياة العامة، وتكريس هذا الالتزام على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتنموية والحضارية والإنسانية، مستهدفًا بذلك وضع الإنسان السعودي في مصاف أرقى المجتمعات البشرية، له دلالة كبيرة في التاريخ السعودي الحديث، فقد أراد -حفظه الله- أن يعبر بمجتمع كامل إلى آفاق العصر الحديث.

وسيظل التاريخ مدينًا للملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - حين جعل من سمعة هذه البلاد الكريمة كتابًا أبيض مقروءًا لكل منصف ومنشورًا أمام كل عين.