فيما لو كان افتراض برامج القناة الثقافية السعودية متاحا، فإنني سأفترض أن تبدأ بثها اليومي ببرنامج وثائقي، ربما يكون حول الآثار في الجزيرة العربية، وبعض الأماكن ذات العلاقة بالتراث الإنساني، كمدائن صالح، وغيرها، وسأرجو أن يشعر المتابع أنه يشاهد فيلما تاريخيا بعيدا عن الرتابة، وأنه أمام قناة ناشيونال جيوغرافيك، أو الجزيرة الوثائقية.
أو ربما يكون البرنامج الوثائقي منصبا حول سنين الأندلس وقصورها وابن زيدونها، وولادتها، وقصور قرطبة، وما آلت إليه هذه القصور بعد خروج المسلمين منها، وفي ظل الحكم غير الإسلامي، لعل متنطعي "تمبكتو" و"بوكو حرام" يطلعون على هذا البرنامج فيتوبون عما يفعلون.
كما سنشاهد عبر "الثقافية" فيلما حول أحد المبدعين السعوديين، ولتكن حلقة اليوم ـ مثلا ـ عن الشاعر محمد الثبيتي، تحوي آراء مجايليه، وحديثا عن حياته يرويه أبناؤه وأصدقاؤه، وسنستمع إلى مقاطع من أمسياته المسجلة، ونطلع على مكتبته، ومنزله، ونسبح مع عوالم هذه التجربة الفذة.
وسأفترض أيضا، أن القناة ستخصص فترة لبث بعض المحاضرات المهمة في الأندية الأدبية، وستناقش القضايا الثقافية الراهنة، وستستضيف بعض الأسماء الثقافية السعودية، للحديث عنها، ثم سنستمتع بفقرات للموسيقى بمختلف ألوانها، وسير فنية لكبار الفنانين كطلال مداح، ومحمد عبده، وطارق عبدالحكيم، وفوزي محسون. وفي رمضان، سأفترض أن القناة ستتنقل بين مناطق المملكة للحديث عن العادات التي ارتبطت بهذا الشهر. كما ستعرض فضائيتنا الثقافية، برنامجا رمضانيا من أرشيف التلفزيون السعودي، ربما يكون برنامج "حروف" مع ماجد الشبل، أو بعض مونولوجات مشقاص، أو "على مائدة الإفطار" لعلي الطنطاوي. أعلم أن بعض ما هنا موجود، لكنه يحتاج إلى احترافية تساير المرحلة، وتطرد أسباب كون "الثقافية" طاردة لا جاذبة.