لا تعد الاختبارات الشخصية التي يتم إجراؤها عبر الإنترنت علمية، ولكن عددا من اختبارات الشخصية الجادة التي تستخدم لتوجيه الاختيارات التعليمية والمهنية لا تدعمها الأبحاث أيضًا.

وبالرغم من كونها صناعة بمليارات الدولارات، فإن اختبارات الشخصية التجارية التي تستخدمها المدارس والشركات لتوجيه الأشخاص إلى الأدوار المثالية لا تتنبأ بالنجاح المهني.

وبعيدًا عن افتقارها إلى الدعم العلمي، فإنها أكثر الأساليب شيوعًا لفهم الشخصية إشكالية لأنها تفترض أن سماتك ثابتة - أي أنك عالق في الشخصية التي ولدت بها. لكن دراسات علم الشخصية الحديثة وجدت أن السمات يمكن أن تتغير بمرور الوقت.


تقود شانون ساور زافالا، من جامعة كنتاكي بحثًا حول الأمر، وتقول «إضافة إلى مشاهدة الشخصية تتغير بمرور الوقت من الفوضى والكسل إلى عدم الالتزام بالقواعد، فأنا أيضًا باحثة في مجال تغير الشخصية وطبيبة نفسانية إكلينيكي. يؤكد بحثي ما رأيته في تطوري الشخصي وفي مرضاي: يمكن للناس أن يشكلوا عمدًا السمات التي يحتاجون إليها ليكونوا ناجحين في الحياة التي يريدونها. وهذا يتعارض مع الاعتقاد السائد بأن نوع شخصيتك يضعك في صندوق، ويفرض عليك اختيار الشركاء والأنشطة والوظائف وفقًا لسماتك».

ما هي الشخصية؟

وفقًا لعلماء النفس فإن الشخصية هي طريقتك المميزة في التفكير والشعور والسلوك.

هل أنت شخص يميل إلى التفكير في المواقف في حياته بطريقة أكثر تشاؤما، أم أنك من النوع المتفائل؟

هل تميل إلى الغضب عندما يقطع شخص ما طريقك في حركة المرور، أم أنك تميل إلى منحهم فرصة الشك - ربما يسرعون إلى المستشفى؟

هل تنتظر حتى اللحظة الأخيرة لإكمال المهام، أم تخطط مسبقًا؟

يمكنك أن تفكر في الشخصية باعتبارها مجموعة من العلامات التي تلخص إجاباتك على أسئلة مثل هذه. واعتمادًا على إجاباتك، قد يتم تصنيفك على أنك متفائل أو متعاطف أو جدير بالثقة.

تشير الأبحاث إلى أن كل هذه التسميات الوصفية يمكن تلخيصها في 5 سمات شاملة - ما يطلق عليه علماء النفس بشكل إبداعي اسم «الخمسة الكبار».

البحث الحرفي

في وقت مبكر يعود إلى ثلاثينيات القرن العشرين، كان علماء النفس يبحثون حرفيًا في القاموس عن كل الكلمات التي تصف الطبيعة البشرية ويصنفونها في فئات ذات موضوعات متشابهة. على سبيل المثال، قاموا بتجميع كلمات مثل «لطيف» و«مدروس» و«ودود» معًا. ووجدوا أنه يمكن تفسير آلاف الكلمات عن طريق تصنيفها بين خمس سمات: العصابية، والانفتاح، والضمير، والود، والانفتاح.

ما لا تمثله الشخصية: غالبًا ما يشعر الناس بالحماية تجاه شخصيتهم - قد تنظر إليها باعتبارها جوهر هويتك. ومع ذلك، وفقًا للتعريفات العلمية، فإن الشخصية ليست ما تحبه أو تكرهه أو تفضيلاتك. إنها ليست حس الفكاهة لديك. إنها ليست قيمك أو ما تعتقد أنه مهم في الحياة.

بعبارة أخرى، فإن تغيير السمات الخمس الكبرى لديك لا يغير جوهر شخصيتك. بل يعني ببساطة تعلم كيفية الاستجابة للمواقف في الحياة بأفكار ومشاعر وسلوكيات مختلفة.

هل تستطيع تغيير شخصيتك؟

تذكر أن الشخصية هي الطريقة المميزة التي يتبعها الشخص في التفكير والشعور والسلوك. ورغم أن تغيير الشخصية قد يبدو صعبًا، فإن الناس يغيرون طريقة تفكيرهم وشعورهم وسلوكهم طوال الوقت.

لنفترض أنك لست جديرًا بالثقة إلى حد كبير. إذا بدأت تعتقد أن «الالتزام بالمواعيد يُظهر للآخرين أنني أحترمهم»، وبدأت تشعر بالفخر عندما تصل لتناول الغداء قبل أصدقائك، وانخرطت في سلوكيات جديدة تزيد من التزامك بالمواعيد - مثل الاستيقاظ مع المنبه، وضبط تذكيرات المواعيد وما إلى ذلك - فأنت تجسد سمات الشخص الموثوق به. إذا حافظت على هذه التغييرات في تفكيرك وعواطفك وسلوكياتك بمرور الوقت - فستكون جديرًا بالثقة. الشخصية: تغيرت.

تؤكد البيانات هذه الفكرة. بشكل عام، تتغير الشخصية على مدار عمر الشخص. ومع تقدم الناس في السن، يميلون إلى تجربة عدد أقل من المشاعر السلبية والمزيد من المشاعر الإيجابية، ويكونون أكثر وعيًا، ويضعون أهمية أكبر للعلاقات الإيجابية، ويكونون أقل حكمًا على الآخرين.

وتضيف شانون «لكن هناك تباين هنا. فبعض الناس يتغيرون كثيرًا، وبعض الناس يظلون ثابتين إلى حد كبير. وعلاوة على ذلك، وجدت الدراسات، بما في ذلك دراستي، التي تختبر ما إذا كانت تدخلات الشخصية تغير السمات بمرور الوقت، أن الناس يمكنهم تسريع عملية تغيير الشخصية من خلال إجراء تعديلات مقصودة على تفكيرهم وسلوكهم. ويمكن أن تؤدي هذه التعديلات إلى تغيير ذي مغزى في أقل من 20 أسبوعًا بدلًا من 20 عامًا».

تنمية السمات الشخصية

الخبر السار هو أن هذه التقنيات السلوكية المعرفية بسيطة نسبيًا، ولا تحتاج إلى زيارة معالج إذا لم يكن ذلك شيئًا تفضله.

يتضمن المكون الأول تغيير أنماط تفكيرك ــ وهذا هو الجزء المعرفي. فأنت بحاجة إلى أن تصبح على دراية بأفكارك لتحديد ما إذا كانت هذه الأفكار تمنعك من التصرف بما يتماشى مع سمة معينة. على سبيل المثال، إذا وجدت نفسك تفكر في أن «الناس لا يهتمون إلا بأنفسهم»، فمن المرجح أن تتصرف بطريقة دفاعية في التعامل مع الآخرين.

يتضمن العنصر السلوكي الوعي بميولك الحالية في التصرف واختبار استجابات جديدة. إذا كنت دفاعيًا في التعامل مع الآخرين، فمن المحتمل أن يستجيبوا لك بشكل سلبي. عندما ينسحبون أو يهاجمونك، على سبيل المثال، فإن هذا يؤكد اعتقادك بأنك لا تستطيع أن تثق في الآخرين. وعلى النقيض من ذلك، إذا حاولت التصرف بشكل أكثر انفتاحًا - ربما بمشاركة زميل في العمل أنك تكافح من أجل أداء مهمة - فستتاح لك الفرصة لمعرفة ما إذا كان هذا سيغير الطريقة التي يتصرف بها الآخرون تجاهك.

هذه الاستراتيجيات السلوكية المعرفية فعالة للغاية في تحفيز الشخصية لأن الشخصية هي ببساطة طريقتك المميزة في التفكير والتصرف. إن إجراء تغييرات مستمرة على منظورك وأفعالك يمكن أن يؤدي إلى عادات دائمة تؤدي في النهاية إلى صياغة الشخصية التي ترغب فيها.

هل تستطيع تغيير شخصيتك؟

- التغيير ممكن لكنه قد يبدو صعبًا

- التغيير مستمر فالناس يغيرون طريقة تفكيرهم وشعورهم وسلوكهم طوال الوقت

- المحافظة على التغيير في التفكير والعواطف والسلوكياتك يضمن تغيير الشخصية

- تتغير الشخصية على مدار عمر الشخص

- تقدم الناس بالعمر يجعلهم يميلون إلى تجربة عدد أقل من المشاعر السلبية