وذكر محمد حافظ، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في كلية الدراسات العليا البحرية: «لقد رأينا هذا يحدث من قبل، حيث تفوز إسرائيل تكتيكيا بالحرب أو المعركة، وبعد بضع سنوات تنهض المجموعات نفسها من الرماد، وأحيانا تصبح أقوى. في نهاية المطاف، يتطلب الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني حلا سياسيا».
ويرى حافظ ومراقبون آخرون للشرق الأوسط ومسؤولون سابقون في الأمن القومي الأمريكي ودبلوماسيون أن إسرائيل الأقوى لن تفتح بالضرورة الباب أمام تحقيق اختراق دبلوماسي في المستقبل، خاصة في ظل وقوف السياسة الإسرائيلية والأمريكية الداخلية في الطريق.
توازن القوى
تساءل آخرون عن فكرة أن تحقيق إسرائيل انتصارا عسكريا واضحا على أعدائها من شأنه أن يغير بشكل جذري توازن القوى في المنطقة.
وقال دانييل بايمان، أستاذ في جامعة جورج تاون: «كانت إسرائيل بالفعل أقوى من جيرانها المباشرين، وهذا ليس تغييرا كبيرا». وأضاف: «بغض النظر عن النتيجة التي ستنتهي إليها الحرب، فمن غير المرجح أن تتخلى إيران عن إستراتيجيتها المتمثلة في دعم الجماعات الوكيلة ضد إسرائيل».
وأوضح جون ماكلولين، المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، أنه إذا ترك نتنياهو منصبه بعد الحرب فمن الممكن «أن نتخيل أي فرصة» لمفاوضات دبلوماسية جديدة.
استمرار الجماعات
بيّن محللون في الشرق الأوسط وخبراء عسكريون أن إسرائيل نجحت بالفعل في إعادة تأسيس قوتها الردعية العسكرية بعد هجوم السابع من أكتوبر.
وأضاف حافظ: «لقد استعادوا بالتأكيد قدرتهم على الردع».
وقالت مارا رودمان، التي عملت مبعوثة للسلام في الشرق الأوسط في إدارة أوباما: «هناك بعض الديناميكيات الإقليمية المختلفة بشكل كبير، وأصحاب المصالح الذين ربما تغيرت مصالحهم بعض الشيء على مدى العام الماضي، وهذا يمثل فرصة لإعادة ترتيب الطاولة للرئيس الأمريكي القادم».
واستطردت: «هذا الرئيس سيظل يواجه بعض العقبات والتحديات نفسها كما كان من قبل».
دور ترمب
قد يختلف اتجاه السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بشكل كبير اعتمادًا على من سيفوز في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، حيث دعا الرئيس السابق دونالد ترمب إلى إنهاء القتال في غزة. وفي الأسبوع الماضي، وصف التصعيد بين إسرائيل وحزب الله بأنه «غير مقبول». مع ذلك، لم يصل ترمب إلى حد الدعوة صراحة إلى وقف إطلاق النار في غزة. كما لم يضع خطة مفصلة للمنطقة فور انتهاء الحرب.
وعندما كان رئيسًا، اعترف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهي الخطوة التي انتقدها معارضوه بشدة بوصفها انتكاسة لمحادثات السلام المستقبلية.
كما أقام ترمب علاقات وثيقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي عارض قيام دولة فلسطينية طوال معظم حياته السياسية التي استمرت عقودا من الزمن.
تأييد هاريس
من الجهه الأخرى، فإن المنافسة الديمقراطية نائبة الرئيس، كامالا هاريس، هي من المؤيدين الصريحين لخطة إدارة بايدن لما بعد الحرب في غزة، التي تدعو إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وبينما أعربت هاريس عن دعمها حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، عبرت عن قلقها إزاء معاناة المدنيين الفلسطينيين المحاصرين في القتال.
وقالت في كلمتها أمام مؤتمر الحزب الديمقراطي: «حجم المعاناة مفجع في غزة»، مضيفة أنها تدعم مستقبل ما بعد الحرب، حيث «يمكن للشعب الفلسطيني أن يدرك حقه في الكرامة والأمن والحرية وتقرير المصير».
وعلى الرغم من أن هاريس قد تكون أكثر ميلا من ترمب إلى الدفع نحو خطة سلام شاملة، فإن الخبراء يقولون إن الرئيس الأمريكي المقبل ــ أيا كان ــ سيواجه مقاومة من إسرائيل في رسم مسار للمضي قدما بالشرق الأوسط.
تحديات أمريكا
ذكر برايان كاتوليس، زميل بارز في معهد الشرق الأوسط، أن كفاح إدارة بايدن للتأثير على إسرائيل في أعقاب الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر سلط الضوء على التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في المنطقة.
وقال: «إنه تذكير بالحاجة إلى التواضع بشأن مدى قدرة الولايات المتحدة على تشكيل الأحداث»، حيث تعارض حكومة نتنياهو اليمينية إنشاء دولة فلسطينية.
وتشير استطلاعات الرأي العام إلى أن الدعم الشعبي لخطة السلام الطويلة الأجل قد انخفض بين الإسرائيليين، وأن هذا الشعور يشترك فيه الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية.
كما يُنظَر إلى السلطة الفلسطينية المدعومة من الولايات المتحدة على نطاق واسع على أنها فاسدة وغير قادرة على حكم دولة مستقبلية، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. وسوف تنتقل كل هذه القضايا إلى الإدارة الأمريكية المقبلة.
ويواجه نتنياهو معارضة في الداخل، لكنه لا يواجه منافسا سياسيا جادا مناهضا للحرب من اليسار أو ضغوطا داخلية لعكس موقفه من حل الدولتين. وما دام بقي في السلطة، فمن المرجح أن يرفض نتنياهو أي جهود من قِبل ترمب أو هاريس لإجباره على الجلوس على طاولة المفاوضات، كما يقول حافظ.
السيطرة الأمنية
وينقسم المجتمع الإسرائيلي أيضًا بشأن الشكل الذي قد يبدو عليه المستقبل الآمن، فهناك جدل مفتوح حول ما إذا كانت إسرائيل في حاجة إلى فرض سيطرتها الأمنية الكاملة على غزة بعد الحرب، ويبقى أن نرى إلى متى ستبقى القوات الإسرائيلية في غزة وجنوب لبنان.
في الوقت نفسه، ينظر العديد من الإسرائيليين إلى إيران، التي تعمل على تطوير برنامجها للأسلحة النووية، باعتبارها التهديد الأعظم الذي تواجهه البلاد.
وقال حافظ: «لا يوجد ما يدعم فكرة أن إسرائيل المنتصرة سترى النور بطريقة أو بأخرى، وتقرر استغلال هذه الفرصة لإحلال السلام مع الفلسطينيين».
الرد الإسرائيلي:
هاجمت إسرائيل حماس في حملة عسكرية لا هوادة فيها بغزة، أسفرت عن مقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني، وفقًا للسلطات هناك.
أشعلت حماس الحرب بهجوم داخل إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.
لا تزال حماس تقاتل إسرائيل بنشاط في غزة، ولا تزال تحتجز نحو مائة رهينة.
قدرة حماس العسكرية تقلصت بشكل كبير، ولم تعد تشكل التهديد نفسه الذي كانت تشكله لإسرائيل قبل الحرب.
إسرائيل ألحقت خسائر فادحة بحزب الله في لبنان.
دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية ما يقرب من نصف ترسانة الأسلحة الضخمة التي يمتلكها الحزب في الأيام الأخيرة.
من المتوقع أن تؤدي العملية البرية التي شنتها إسرائيل في جنوب لبنان إلى تقليص قدرة حزب الله على إطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل.
أثار تصاعد التوترات في أعقاب الهجوم الصاروخي البالستي الإيراني على إسرائيل مخاوف من اندلاع حرب إقليمية.