المحافظة على المتنزهات السياحية والحدائق والأماكن العامة ضرورة أخلاقية، حيث أنها، ملكا للجميع، والكل ينتفع بها ، وإن لم تتضافر جهود رواد تلك الأماكن للمحافظة عليها، لما استطاعت الجهات الحكومية المعنية بها تقديم خدماتها على الوجه المطلوب.

ولأهمية التنزه في هذا العصر المليء بالضغوطات والمتسم بالسرعة والتشتت وزخم التقنية، أصبحت السياحة متنفس ضروري للإنسان للتخفيف من وتيرة ملل الحياة الصاخبة.

وبما أن الله -سبحانه وتعالى- أنعم علينا بأماكن طبيعية للتنزه والسياحة، قامت الحكومة أيدها الله باختيار الأماكن السياحية الجميلة واستصلاحها وبناء المشاريع الجبارة عليها، وإيصال المياه والكهرباء إليها، ووفرت جميع الخدمات والمتطلبات الضرورية لها، وشجعت التجار والمستثمرين على فتح المحال التجارية وتوفير الخدمات الثابتة والمتنقلة في معظم المتنزهات.


ولكن من المؤسف ألا يكترث بعض مرتادي المنتزهات، بمفهوم المحافظة عليها والاهتمام بنظافتها، فالبعض يسمح لأطفاله أو للمراهقين بالعبث في مقتنيات المكان، وهناك من يرمي المخلفات في شوارعها. ويوجد من يستمتع بالمكان ثم يغادره متسخا، دون أن يكلف نفسه جمع مخلفاته في كيس، أو وضعها في الحاويات المخصصة.

وتلك السلوكيات السلبية، تدل على انخفاض تقدير الإنسان لنفسه، وتشير لعدم وعيه واحتياجه إلى تأديب وتربية لتعديل سلوكه البذيء، وتحريره من أفكار الاستهتار والهمجية، والتي لا تتناسب مع ما يأمرنا به ديننا الإسلامي الحنيف، من حث على النظافة والمحافظة على نظام الحياة ونظام البيئة، وما يشتمل عليه الدين من أوامر ونواهي تجعلنا إذا التزمنا بها أرقى شعوب العالم.

وما يؤسف، ما نجده من تمثل السلوك الإسلامي بما يحمله من معاني الوعي والرقي لدى معظم الشعوب غير المسلمة بخصوص النظافة العامة والشخصية، والتعايش والمحافظة على المال العام،. وفي الجانب الآخر، نلاحظ تمرد بعض أبناء هذا الدين على توجيهاته وتعاليمه الدقيقة والشاملة، مما يسفر عن قلة الوعي والتخلف، وينم عن أمراض في النفوس، عند بعض أصحاب التصرفات غير المسؤولة في جوانب الحياة الاجتماعية المختلفة.

ولكي نصل الى الهدف والمراد الأسمى فيما يخص جوانب المحافظة على مدخراتنا وجمال أرضنا، فعلينا أولاً أن نسعى إلى تغيير ما في أنفسنا إلى الأفضل والتفكير السليم ووضع الحسابات والأهمية لكل ما يقدم لنا من خدمات، وما نجده من أماكن وأشياء عامة، وأن نعطي كل شيئ قيمته ونفهم أهميته وغرضه.

ثانياً علينا في هذا المجتمع المسلم بالتواصي على الخير وبتربية أبناءنا على السلوك الحسن، وتعليمهم أهمية الأشياء والخدمات المقدمة للجميع، وعدم السماح لهم بإتلاف شيئ منها أو العبث بالأشياء الموجودة بها .

كما أن المدارس ومؤسسات التعليم والمؤسسات المجتمعية تتحمل مسؤولية تنمية الوعي لدى الأفراد والجماعات، بالتوعية والإرشاد والمحاضرات.

كما يجب على الجهات المختصة مراقبة الأماكن العامة والسياحية، وفرض الغرامات المشددة على كل مستهتر ومتجاوز لحدود المسؤولية.

نتطلع بإذن الله إلى مجتمع مسؤول عن تصرفاته، يعيّ واجبه تجاه وطنه ومجتمعه.