حتى بداية ستينيات القرن الماضي الميلادي لم يكن في ( تنومة) اي من الادارات الحكومية، ما عدا مدرسة سبت تنومة الابتدائية، وكان محمد الشبيلي بن العريف شيخ شمل قبائل بني اثلة بني شهر والمسؤول الأول في ذلك الوقت عن إدارة تنومة فيما يتعلق بالإصلاح بين الناس والمحافظة على الأمن في القرى والسوق الذي كان يعتبر من أكبر وأهم الأسواق في منطقة عسير، و يطلق عليه (سوق سبت تنومة) أو (سوق سبت ابن العريف)، لأنه كان يدار من قِبل أسرة آل عريف وقبيلة الشعفين منذ تأسيسه قبل مئات السنين، والشيخ محمد قبل أن يستلم المشيخة كان قد اختير ليحل مكان والده الشيخ شبيلي بن محمد بن العريف للإقامة في الرياض ،حيث بقي هناك حوالي ثلاث سنوات، وكان مواظباً على الحضور في مجلس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - أسبوعيا طوال تلك الفترة ، مما كان له الاثر في صقل مواهبه. كما حظي باحترام العديد من الأمراء والمرافقين للملك في ذلك الوقت، حتى قيل انه كان يشارك معهم في سباقات الخيل. وتلك السنوات التي أمضاها في الرياض علمته وساعدته عندما كلف بإدارة شؤون تنومة بعد عودته من الرياض، وخلف اخوه فراج الشبيلي بعد وفاته - رحمه الله - عام 1950 في إدارة تنومة، حيث كانت البداية بإنشاء مجلس شورى يجمع فيه مشايخ قبائل تنومة مرة كل شهر يوم السبت، حتى يتمكن المجتمعون من التسوق بعد عقد الاجتماع. الاجتماع يعقد في منزل محمد الشبيلي المكون من ثلاثة طوابق ( يعتبر قصرا في ذلك الوقت) ولا زال موجودا حتى وقتنا الحاضر، ويقع في الجهة الشمالية الغربية للسوق .والمجلس في الدور الثاني يتسع لاستقبال حوالي ثلاثين شخصا في وقت واحد، وبه نافذتان احداهما شرقية والأخرى جنوبية، وقد وصف البعض انعقاد أول مجلس شورى في تنومة عام1951 تقريباً في صباح يوم السبت.

في تمام السابعة صباحاً يكون الشيخ محمد جالساً في مجلسه وبجواره ابنه فايز بن محمد الشبيلي الملازم له في جميع الأوقات، وفي السابعة والنصف يصل أخاه سعد الشبيلي وابن أخيه شبيلي بن فراج الشبيلي ويجلسون إلى جواره. ثم يبدأ الشيخ سعد بتقديم تقرير كامل عن الوضع الأمني في السوق وسير الأعمال الخاصة بالتجار في محلاتهم و(المحلية الخاصة بالأغنام) و محلات بيع الحبوب والتمور وغيرها. وبعد انتهائه يدخل كبار التجار في تنومة وهم والدي فايز بن شباب بن عبدالمحسن و فايز بن عبدالله بن عوضه و فايز بن محمد ابو هاشم "مريط"، ويتكفلون بتنفيذ أي التزامات مالية يراها الشيخان والمجتمعون، ثم يغادرون إلى محلاتهم التجارية. وفي الساعة الثامنة يبدأ شيوخ القبائل بالدخول ويكون في استقبالهم خارج المجلس الشيخ فايز وابن عمه شبيلي وأول الوافدين الممثلين لقبيلة الشعفين يتقدمهم عوض بن طلة وهو حكيم وذو رأي سديد وكان ضمن وفد بني شهر على الملك عبد العزيز عام 1349هـ.

وبعد أن يكتمل العدد يبدأ الاجتماع بكلمة مختصرة من الشيخ محمد يشكر الجميع على تلبية الدعوة للحضور ويحثهم على بذل الجهود حتى تكون تنومة آمنة ومستقرة في جميع نواحي الحياة، ويطلب منهم استمرار الاجتماعات كل شهر. ثم يفسح المجال للمجتمعين ويبدأ الشيوخ بالحديث واحداً تلو الآخر، وبعد انتهاء الجميع من الحديث يأخذ الكلمة سعد الشبيلي ملخصاً ما دار من حديث بين المجتمعين ثم يصوغه شفهيا في عدة نقاط ،يوافق عليها الجميع. تعود الكلمة إلى الشيخ محمد بتقديم الشكر الجزيل للجميع طالباً منهم تنفيذ ماورد فيه، ثم يغادرون لتكملة التسوق وزيارة بعض الأقارب والأصدقاء، وبعد العوده الى قراهم يجتمعون بقبائلهم ويطلعونهم على ما تم الاتفاق عليه في اجتماعهم، ثم تبدأ كل قبيله بالتنفيذ. وتكرار تلك الاجتماعات اثبتت جدواها وأصبح التكافل الاجتماعي هو السائد في تلك الحقبة. فعم الأمن والاستقرار جميع قرى تنومة وكان لذلك اثره الايجابي في إرتفاع المستوى الاقتصادي و الزراعي بسبب الدور الإيجابي لأولئك الشيوخ وهم صفوة المجتمع في ذلك الوقت، حيث بذلوا كل ما في وسعهم للإسهام في مساعدة سكان تلك القرى ، وكانوا جميعا شيوخاً بأعمالهم وأفعالهم وسيرتهم الذاتية العطرة، وقد انتقلوا جميعا إلى رحمة الله. نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة، وأن يجمعنا بهم في الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يديم علينا الأمن والأمان، ويحفظ لنا خادم الحرمين الشرفين وسمو ولي العهد الأمين ويديم عليهم الصحة والعافية.