تعد الرواية السعودية المعاصرة مرآة تعكس التغيرات الاجتماعية والثقافية التي تشهدها السعودية، ولا أبالغ إن قلت إنها في السنوات الأخيرة قفزت لتكون القالب الأكثر شيوعا للتعبير والتلقي.

في ما يتعلق بقضايا المرأة يمكننا القول، إن الكتابة النسوية ومنذ سنوات كانت قد اتضحت ملامحها، وشكلت تياراً أدبياً مؤثراً، إذ قدمت عديداً من الأعمال التي سلطت الضوء على المرأة السعودية، وناقشت قضاياها خصوصاً ما يدور منها في فضاء التقاليد والاستقلالية والمساواة.

لكن السؤال المطروح اليوم هو إلى أي مدى يمكن أن تواكب الرواية السعودية ما استجد من قضايا المرأة في المجتمع الحديث؟ وهو مجتمع يمر بمرحلة تغيرات كبرى فرضت واقعاً ثقافياً مختلفاً وبالتالي قضايا مختلفة.


إن التموضع الحالي للمرأة السعودية بين التقاليد المحافظة والحداثة يرسم ملامح جديدة تتعلق بالتمكين والحقوق والتعليم والعمل، وكذلك الحب وإشكاليات الزواج والأمومة، وصولاً إلى التناقضات بين الهوية والتطلعات الشخصية والمواقف الاجتماعية وتأثيرات العولمة وغيرها من التفاصيل التي خلقت احتياجاً ثقافياً لاتجاه أدبي متطور، يقدم القضايا النسوية في أساليب سردية وفنية منسجمة مع المرحلة.

في رأيي أن فاعلية الأدب النسوي اليوم تضاءلت ولأسباب كثيرة، لعل منها وتيرة التغير الثقافي المتسارع، والطفرة الإنتاجية التي أثرت في رؤية كثير من الكتاب والكاتبات، إضافة إلى تأثير عوامل النشر والإعلام وغيرها.

والحقيقة أن الفرص مواتية لنموذج أدبي يكون أكثر نضجا، خصوصاً وقد اختزن حمولات التجربة الروائية السابقة من جهة، كما أنه من جهة أخرى يتعالق مع حالة قرائية جماهيرية نوعية غير مسبوقة.

علينا أن نتذكر أيضا أن الأدب لا يحتمل التطرف فلا هو موقف وعظي، ولا هو مشهد جدلي، بل هو حالة إبداعية متكاملة تنفذ للوعي الجمعي وتحركه نحو المعنى، إذ لا قيمة لعمل روائي لا تتجلى فيه الأفكار بشكل فلسفي قابل للبناء، ولا دهشة في حبكة أو لغة لا تستفز القارئ للتساؤل والتجديد. وإننا إذا ما اعتبرنا أن امتلاك الكاتب لأدواته الفنية إبداعاً، فإن توظيف هذه الأدوات في عمل يؤثر ويبقى ويوثق للإنسان والتاريخ هو الغاية الأسمى وما يمكن أن يكون فوق إبداع.