كشفت دراسة جديدة، نُشرت في مجلة Cell، إحداث ثورة في مستقبل علاجات الخصوبة، حيث أشارت إلى أن أجنتنا قد تمتلك قدرة على الخمول مماثلة لتلك التي لوحظت في العديد من الثدييات الأخرى، مما يفتح إمكانات جديدة للطب التناسلي وأبحاث الخلايا الجذعية، موضحة أن القدرة على الدخول في حالة من السكون هي سمة مشتركة بين أكثر من 130 نوعًا من الثدييات. وتسمح هذه الحيلة التطورية للحيوانات بتأخير زرع أجنتها استجابة للظروف البيئية غير المواتية، مما يؤدي فعليًا إلى إيقاف النمو حتى تتحسن الظروف. وفي حين تم توثيق هذه الظاهرة جيدًا في حيوانات، مثل الفئران والكنغر وحتى الدببة، فإنه لم تتم ملاحظتها بشكل قاطع في البشر حتى الآن. وفي الدراسة، أثبت فريق من العلماء الدوليين، بقيادة باحثين من معهد ماكس بلانك لعلم الوراثة الجزيئية في ألمانيا ومعهد التكنولوجيا الحيوية الجزيئية في النمسا، أنه من الممكن حث الأجنة البشرية والخلايا الجذعية على الدخول في حالة تشبه السكون. وتتميز هذه الحالة من السكون بتباطؤ النمو، وانخفاض استهلاك الطاقة، والقدرة المذهلة على استئناف النمو الطبيعي عندما يتم إعطاء الإشارات الصحيحة.

تباطؤ النمو

إن مفتاح إحداث هذا التوقف الجنيني يكمن في التلاعب بمسار خلوي يُعرف باسم mTOR (الهدف الميكانيكي للراباميسين). ومن خلال تثبيط نشاط mTOR، تمكن الباحثون من إبطاء نمو «الأجنة البشرية» بشكل كبير، وهي هياكل مزروعة في المختبر تحاكي عن كثب الأجنة في المرحلة المبكرة. وتوفر هذه الخلايا، التي تم إنشاؤها باستخدام الخلايا الجذعية متعددة القدرات البشرية، بديلا أخلاقيا لدراسة الأجنة البشرية الفعلية مع الاستمرار في تقديم رؤى قيمة حول التطور المبكر.


وعندما عولجت الخلايا البلعمية بمثبطات mTOR، دخلت هذه الخلايا في حالة من الخمول يمكن الحفاظ عليها لمدة تصل إلى ثمانية أيام. وخلال هذا الوقت، تباطأت عملية انقسام الخلايا إلى حد كبير، وأظهرت الهياكل الشبيهة بالجنين انخفاضا في النشاط الأيضي. واللافت للنظر أنه عندما أزيلت المثبطات «استيقظت» الخلايا البلعمية، واستمرت في نموها وكأن شيئا لم يحدث.

حالة السكون يقول أيدان بولوت كارسلي أوغلو، أحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة، في بيان: «عندما عالجنا الخلايا الجذعية البشرية والأورام الانفجارية باستخدام مثبط mTOR، لاحظنا تأخيرًا في النمو، مما يعني أن الخلايا البشرية يمكنها نشر الآلية الجزيئية لاستنباط استجابة تشبه السكون».

وعلى الرغم من أن الدراسة تمثل تقدما كبيرا في فهمنا تطور الأجنة البشرية، فإن الباحثين يؤكدون أن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به قبل أن يتسنى ترجمة هذه النتائج إلى تطبيقات سريرية، ولا بد من معالجة الاعتبارات الأخلاقية ومخاوف السلامة بعناية قبل تنفيذ أي تقنيات تتضمن التلاعب بالأجنة البشرية في علاجات الخصوبة.