خلال أقل من عقد من بدء رؤية المملكة 2030 بدأت مظاهر التغيير تظهر في جميع الجوانب وأبرزها الجانب الاقتصادي للبلد النفطي العملاق، والذي حمل لسنوات هوية النفط، حتى ظن الكثير أن اقتصاد المملكة لا يمكن أن يتقدم إلا مع وجود النفط، ولكن الواقع الحالي غير الصورة بعد أن تحول القطاع غير النفطي السعودي وعبر رؤية المملكة الطموحة لأحد أكبر القطاعات والمحرك الأقوى والأسرع للاقتصاد السعودي؛ ليحقق الاقتصاد السعودي خلال 2023 أكبر مساهمة تاريخية للانشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وهي أكبر قيمة يحققها هذا القطاع، وذلك بمساهمته بنصف الناتج المحلي الإجمالي وبنسبة 50% وبإجمالي بلغ 1.7 ترليون ريال، وهي القيمة التاريخية الأكبر لهذا القطاع، والذي استطاع وسط تموجات الأحداث السياسية والاقتصادية في العالم، وتأثيراتها المستمرة على أسعار النفط الذي كان المحرك الرئيسي لاقتصاد البلاد، استطاع القطاع غير النفطي أن يقود الاقتصاد السعودي ويضعه رغم الاضطرابات ضمن البلدان الأسرع نموًا، لتتغير صورة البلد النفطي، للبلد ذي الاقتصاد المتنوع الذي تزدهر فيه السياحة، والاستثمار، والصناعة، وتنمو جميع قطاعاته بشكل سريع ومدروس وفق رؤية وضعت لتحقق حلم خطط له بكل دقة، وعمل على تنفيذه قادة قادرون على النجاح بمتابعة وتوجيه من قيادة شابة وضعت الحلم، وأصرت على تحقيقه، وحققت الحلم ولا زالت تحقق.

التحول من اقتصاد النفط للتنوع

بعد 85 عامًا من تصدير المملكة أولى شحناتها من النفط في 1939 على متن ناقلة النفط «د. جي. سكوفيلد» التي نقلت أولى شحنات النفط السعودي للعالم بعد عام من اكتشاف بئر الدمام 7 «بئر الخير»، الذي كشف ولأول مرة منذ بدأ التنقيب عن النفط في المملكة في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي عن كميات تجارية من النفط، لتتوالى بعدها اكتشافات النفط في المملكة ولتتحول المملكة خلال سنوات قليلة لبلد نفطي يمد العالم بأهم مورد للطاقة، ومع زيادة الاكتشافات النفطية، وزيادة انتاج النفط في المملكة، والنمو السريع الذي شهدته المملكة، فيما عرف لاحقًا باسم «سنوات الطفرة» تحولت المملكة لعملاق نفطي عالمي، وارتبط النمو الاقتصادي في المملكة بالنفط ليصبح النفط لسنوات طويلة هوية للاقتصاد السعودي الذي اختبر لسنوات طويلة تقلبات أسعار النفط التي تتأثر بالتقلبات الجيوسياسية، ما جعل الاقتصاد السعودي الأحادي المعتمد على النفط عرضة للصدمات الخارجية السياسية، والاقتصادية، ومرهون بتغيرات الطلب العالمي على النفط، وبالرغم من المحاولات المتعددة على مدى السنوات لتقوية القطاعات الأخرى ودعمها، إلا أن النفط ظل مهيمنا على اقتصاد البلاد التي شهدت، وعلى مدى 8 عقود من اكتشاف النفط، نموًا كبيرًا تم خلاله تأسيس البنى التحتية للبلاد، إلا أن النفط وخلال العقدين الأخيرين أصبح يواجه تحديات أكبر مع بداية التوجه العالمي للطاقة البديلة، والاعتماد على الطاقة المتجددة، والتوجه نحو الاستدامة البيئية ليواجه النفط بالإضافة للاضطرابات الجيوسياسية تحديات جديدة ترمي بظلالها على اقتصادات البلدان النفطية.


في 2016 أطلقت المملكة رؤيتها الطموحة 2030، والتي ضمت العديد من البرامج مثل برنامج التحول الوطني، والذي يستهدف تمكين القطاع الخاص، وبرنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية، والذي ركز على تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية، وبرنامج صندوق الاستثمارات العامة الذي يستهدف تحويل المملكة لقوة استثمارية عالمية، بالإضافة للبرامج الأخرى التي استطاعت، وبشكل سريع، تحريك قطاعات أخرى ساهمت في دعم نمو الاقتصاد السعودي، ورفعت من قيمة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي؛ لترتفع مساهمته من 1.4 ترليون ريال في 2016، وبنسبة 47.5% من الناتج الإجمالي الحقيقي ليصل في 2023 لأعلى مساهمة له ويقوم عليه نصف الناتج المحلي، وبنسبة 50%، وبقيمة إجمالية بلغت 1.7 ترليون ريال في اقتصاد عملاق بناتج إجمالي بلغ لأول مرة 3.4 ترليون ريال، واستطاع القطاع غير النفطي السعودي في البروز أكثر بعد جائحة كورونا ومعاناة اقتصادات العالم من تأثيرات طويلة الأمد ليفاجئ الاقتصاد السعودي العالم بتعاف سريع، ونمو غير متوقع مع بروز المملكة وعبر برامج الرؤية كبلد سياحي، ومقصد استثماري لأكبر شركات العالم، وبلد المشاريع العملاقة التي تسعى الشركات العالمية للمساهمة فيها، وهو الأمر الذي طور سريعًا من القطاع الخاص السعودي، وجعله مع التنظيمات الجديدة قادرًا على مواكبة الرؤية وقادرًا ليكون أساس متين لاقتصاد بلد عملاق استطاع أن يتحول من أكبر الاقتصادات النفطية في العالم، لأكبر الاقتصادات المتنوعة نموًا ولتتغير هوية الاقتصاد السعودي من الأحادية والاعتماد الكامل على النفط، للتنوع.

رصد دولي للتغيير

في ديسمبر 2023 توقعت مؤسسة موديز أناليتكس، نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في السعودية بين 3%- 4% سنويًا حتى العام 2030، مشيرة الى أن هذا النمو المتوقع سيدفع بالاقتصاد غير النفطي ليشكل نحو 56% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، ومضيفة أن القطاع النفطي يتوقع له ان يشهد نموًا بين 0.5% و1.5% بعد عام 2025.

في فبراير 2024 أصدرت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس البحثية تقريرًا تحدثت فيه عن استمرار القطاع غير النفطي السعودي في اداءه القوي في 2024، مؤكدة أن البيانات تشير إلى توسع أخر قوي في الأنشطة غير النفطية في السعودية، ومشيدة بالأداء القوي الذي أظهره هذا القطاع.

وذكرت أن القطاع غير النفطي في السعودية سيحافظ على الأداء القوي الذي سجله في العام الماضي خلال 2024.

في سبتمبر الجاري توقعت وكالة ستاندرد أند بورز استمرار نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في السعودية بقوة، مدعومًا بطفرة في الإنفاق الاستهلاكي والسياحة والبناء نتيجة مشاريع رؤية 2030، وأضافت الوكالة في تقريرها أنه حتى لو تم تقليص بعض مشاريع الرؤية فإن توسع الطلب المحلي سيؤدي إلى خفض حصة قطاع الأنشطة النفطية من الاقتصاد الى 24 أو 26% بنهاية 2030، كما توقع التقرير أنه مع اكتمال مشروع نيوم، سينخفض الناتج المحلي الإجمالي النفطي إلى 24%من الإجمالي بنهاية 2030، بعد أن شكل 35% في عام 2017، عندما بدأت إصلاحات الرؤية.

القطاع غير النفطي بالارقام

رصدت «الوطن» قيمة الأنشطة غير النفطية بالمملكة على مدى 10 سنوات لقياس النمو الذي شهده هذا القطاع ففي عام 2013 بلغت قيمة الأنشطة غير النفطة 1.28 ترليون ريال وبنسبة مساهمة من الناتج المحلي الحقيقي بلغت 46.5%، لترتفع القيمة الى 1.36 ترليون ريال في 2014 وبمساهمة 47.5%، وفي 2015 بلغت قيمته 1.42 ترليون ريال وبنسبة مساهمة 47.5%، وارتفعت القيمة في 2016 الى 1.44 ترليون ريال وبنسبة 47.5%، أما في 2017 فارتفعت الى 1.45 ترليون ريال وبنسبة 45.7%.

وفي 2018 استقرت عند 1.45 ترليون ريال وبذات نسبة المساهمة، لترتفع في 2019 الى 1.50 ترليون ريال، وبنسبة مساهمة 47%، وفي 2020 وهي السنة الأسوأ على اقتصادات العالم بسبب جائحة كورونا، فبلغت قيمة الأنشطة غير النفطية 1.46 ترليون ريال، وبنسبة مساهمة بلغت 47.2%، لترتفع في 2021 الى 1.57 ترليون ريال وبنسبة مساهمة 48.3%، وفي 2022 بلغت 1.65 ترليون ريال وبنسبة 47.5%، قبل ان تصل لأعلى قيمة لها في 2023 ببلوغها 1.73 ترليون ريال، وبنسبة 50% من الناتج الإجمالي الحقيقي للاقتصاد السعودي.

asf:

التسلسل الزمني للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال 10 سنوات وقيمة الأنشطة غير النفطية بـ«المليون ريال» ونسبتها من الناتج المحلي:

2013=

قيمة الأنشطة غير النفطية= 1.281.103

المجموع= 2.757.902

النسبة= 46.5%

2014=

قيمة الأنشطة غير النفطية= 1.360.323

المجموع= 2.863.018

النسبة= 47.5%

2015=

قيمة الأنشطة غير النفطية= 1.422.175

المجموع= 2.992.113

النسبة= 47.5%

2016=

قيمة الأنشطة غير النفطية= 1.447.780

المجموع= 3.048.499

النسبة= 47.5%

2017=

قيمة الأنشطة غير النفطية= 1.490.569

المجموع= 3.076.272

النسبة= 48.5%

2018=

قيمة الأنشطة غير النفطية= 1.452.436

المجموع= 3.174.689

النسبة= 45.7%

2019=

قيمة الأنشطة غير النفطية= 1.506.256

المجموع= 3.209.539

النسبة= 47%

2020=

قيمة الأنشطة غير النفطية= 1.462.676

المجموع= 3.094.588

النسبة= 47.2%

2021=

قيمة الأنشطة غير النفطية= 1.570.840

المجموع= 3.251.642

النسبة= 48.3%

2022=

قيمة الأنشطة غير النفطية= 1.658.717

المجموع= 3.495.059

النسبة= 47.5%

2023=

قيمة الأنشطة غير النفطية= 1.731.997

المجموع= 3.468.675

النسبة= 50%

معدل النمو السنوي للنشطة غير النفطية على مدى 10 سنوات:

2013= %7.3

2014= %6.2

2015= %4.5

2016= %1.8

2017= %3.0

2018= -%2.6

2019= %3.7

2020= -%2.9

2021= %7.4

2022= %5.6

2023= %4.4

مؤشر الميزانية العامة – الإيرادات غير النفطية «بالمليار ريال»

2013= 118

2014= 127

2015= 166

2016= 186

2017= 256

2018= 294

2019= 332

2020= 369

2021= 403

2022= 411

2023= 458

أبرز مؤشرات الاقتصاد السعودي

%50 مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي كأعلى مستوى تاريخي لها

457 مليار ريال إجمالي الإيرادات الحكومية غير النفطية

%7.7 معدل البطالة للسعوديين

المستهدف 2023= 8%

70.8 درجة مؤشر الفاعلية الحكومية

المستهدف 2023= 60.7 درجة

%45 مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي

المستهدف 2023= 45%

%63 حصة المحتوى المحلي في قطاع النفط

المستهدف 2023= 59%

605.43 مليار ريال إجمالي قيمة الصادرات التراكمية للصناعات المرتبطة بالنفط والغاز

المستهدف 2023= 495.4 مليار ريال

%10.4 نسبة توطين الصناعات العسكرية

المستهدف 2023= 9%

2.81 ترليون ريال قيمة الأصول المدارة لصندوق الاستثمارات العامة

المستهدف في 2023 = 2.7 ترليون ريال

0.637 المؤشر الفرعي للمشاركة الاقتصادية والفرص

المستهدف 2023= 0.592

%12.6 نسبة العاملين من الأشخاص ذوي الإعاقة القادرين على العمل

المستهدف 2023=12.3%

%41.2 نسبة الملتحقين بسوق العمل من خريجي الجامعات خلال 6 اشهر من تاريخ التخرج

المستهدف 2023= 41.2%