تتقدم المملكة العربية السعودية الجهود العالمية لمعالجة التغير المناخي من خلال برنامجها الطموح لإزالة الكربون. ويشمل ذلك تنويع مزيج الطاقة الوطني المُستخدم في إنتاج الكهرباء، بزيادة حصة الغاز ومصادر الطاقة المتجددة فيه، حيث تستهدف المملكة تحقيق المزيج الأمثل للطاقة، والأكثر كفاءة والأقل كلفة في إنتاج الكهرباء، وذلك بإزاحة الوقود السائل الذي يستهلك كوقود في إنتاج الكهرباء والتعويض عنه بالغاز ومصادر الطاقة المتجددة، التي سوف تشكل ما يقارب 50% لكل منهما من مزيج الطاقة لإنتاج الكهرباء بحلول عام 2030، جنبًا إلى جنب مع هدفها المتمثل في الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060.

وبينما نحتفل باليوم الوطني الرابع والتسعين، رسخت المملكة العربية السعودية مكانتها كدولة رائدة في مجال الطاقة النظيفة ليس فقط من خلال المشروعات والبنية التحتية المبتكرة، لكن أيضًا من خلال نهج تحولي يهدف إلى إلهام التحول العالمي نحو مستقبل أكثر اخضرارًا.

هذه الطموحات والإجراءات ملهمة لنا في أكوا باور؛ نفخر بدعم هذه الطموحات، ونعمل بشكلٍ وثيق مع صُناع السياسات والشركاء لتوفير الطاقة، والمياه المُحلاة بأسعار قياسية عالمية. وبذلك، نُسهم في جعل المملكة العربية السعودية واحدة من أكثر الدول كفاءةً من حيث تكلفة الطاقة على مستوى العالم.

عند النظر إلى ما حققناه من إنجازات، ندرك أهمية دورنا في البرنامج الوطني للطاقة المتجددة، والذي يهدف إلى توليد 130 جيجاواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030. نحن نعمل بشكلٍ وثيق مع شركة "بديل" التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، وشركة "سابكو" التابعة لأرامكو السعودية، لتطوير العديد من المشروعات ضمن هذا البرنامج، والتي تنطوي على إجمالي قدرة 13,600 ميجاواط، وأكثر من 9 مليارات دولار أمريكي من الاستثمارات. في نهاية المطاف، نفخر بالمساهمة في تنفيذ 70% من البرنامج الوطني للطاقة المتجددة. ويكمل ذلك جهود أخرى تتمثل في مشروع المسح الجغرافي لمواقع الطاقة المتجددة تحت إشراف وزارة الطاقة - وهو أكبر مشروع مسح من هذا النوع في العالم - والذي يساعد في تحديد مزيدٍ من المواقع لتطوير المشروعات. في وقتٍ سابق من هذا العام، وقّع صندوق الاستثمارات العامة سلسلة من الاتفاقيات الجديدة لتوطين تصنيع وتجميع المعدات والمكونات اللازمة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ومن المتوقع أن يساعد هذا في تلبية احتياجات الطاقة المحلية مع تعزيز دعم المحتوى، ورعاية المواهب المحلية. وفي الوقت نفسه، يجري العمل ضمن مبادرة السعودية الخضراء لمكافحة التغير المناخي، وخفض انبعاثات الكربون بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030.

اليوم، تُعد المملكة العربية السعودية موطنًا لأكبر مشروعات الطاقة النظيفة في العالم. يجمع مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر، وهو مشروع عالمي يتم تطويره بين "أكوا باور"، و"نيوم"، و"إير بروداكتس"، بين مصادر الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح)، وطاقة التخزين بالبطاريات لإنتاج 600 طن من الهيدروجين الأخضر يوميًا. وفي الوقت نفسه، ستوفر محطتي الشعيبة 1 والشعيبة 2 للطاقة الشمسية الكهروضوئية المستقلة، أكثر من 2.6 جيجاواط من الطاقة النظيفة بحلول عام 2025.

في عام 2023، شهدت المملكة العربية السعودية زيادة في سعة الطاقة المتجددة بنسبة 219% على أساس سنوي، متجاوزةً نظيراتها من الدول على مستوى المنطقة. بدءًا من هذا العام، تخطط المملكة لطرح مشروعات طاقة متجددة جديدة بسعة 20 جيجاواط سنويًا، بهدف الوصول إلى ما بين 100 جيجاواط و130 جيجاواط بحلول عام 2030، نسبةً إلى الطلب. ويمتد تأثير هذه الرؤية إلى ما هو أبعد من حدودنا. إنّ الموقع الاستراتيجي للمملكة العربية السعودية ومواردها الوفيرة من الطاقة المتجددة تجعلها شريكًا مثاليًا لدعم التحول العالمي في مجال الطاقة. كما أصبح "التحول الأخضر" حقيقةً واقعةً، حيث أصبحت المملكة العربية السعودية مركزًا لحلول الطاقة النظيفة والمواد الخام المستدامة، مما يدعم أهداف الطاقة النظيفة على مستوى العالم.

ومع نمو الدور العالمي الذي تلعبه المملكة العربية السعودية، تزداد الحاجة إلى رأس مال بشري مدرب ويمتلك مهاراتٍ عالية. في هذا الإطار، نحن ملتزمون بتعزيز النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل داخل المملكة. إنّ تمكين المجتمعات المحلية ودعم تطوير رأس مال بشري سيجعلنا أكثر جاهزية للمستقبل. من خلال الاستثمار في رأس المال البشري المحلي، والتفاعل مع مجتمعاتنا في الدول التي نتواجد بها، فإننا نضمن فوائد ملموسة للطاقة المتجددة على نطاقٍ واسع.

مشروعات أكوا باور في جميع أنحاء المملكة أسهمت في تطوير رأس مال بشري يمتلك الكفاءة لإدارة مستقبل صناعتنا، كما أدت إلى تنويع مصادر الطاقة. وقد مكّن هذا المملكة العربية السعودية من الظهور كقائد فاعل في سوق الطاقة المتجددة العالمية. من خلال الاستثمار في التقنيات المتجددة واستكشاف طرق جديدة لكفاءة الطاقة، فإننا نساهم في المشهد الطاقي للمملكة، ونُقدم مثالاً ملموسًا للعالم. اليوم، نحن نتواجد ونعمل في 13 دولة، كما تُعد جمهورية أوزبكستان ثاني أكبر سوق استثمارية لدينا بعد المملكة العربية السعودية، مما يدل على دور المملكة الريادي في دفع التنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم.

وبينما نحتفل باليوم الوطني السعودي 94، فإننا لا نحتفل بإنجازاتنا فقط، بل أيضًا برؤيتنا الملهمة لمستقبل أكثر اخضرارًا بقيادة المملكة العربية السعودية. ومن خلال التزامنا بالابتكار، والتعاون، والتنمية المستدامة، فإننا ملتزمون بإيصال المملكة العربية السعودية إلى العالم، ومشاركة خبراتنا، والمساهمة في التحول العالمي في مجال الطاقة الذي يعود بالنفع والفائدة على الجميع؛ معًا، نُثبتَ أن مستقبلًا أكثر نظافة واستدامة في متناول أيدينا.

• رعد السعدي، نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب – أكوا باور