علاقتي بالإذاعة قديمة وممتدة منذ مايقارب خمسٍا وثلاثين عاماً عندما كنت في أول سنة من المرحلة المتوسطة ، فقد كان في منزلنا حينها ذلك المذياع الروسي الشهير بحجمه الكبير والذي كان منتشرا في كثير من البيوت حينها نسمع الإذاعة من خلاله . كنت أتسلل في كثير من الليالي لسيارة والدي - رحمه الله - الكابريس القديمة موديل 81 وأجلس فيها لأحرك موجات الراديو بكل شغف ولهفة بحثا عن القنوات الإذاعية ،وكنت أستمتع وأنا استمع لإذاعة الرياض ببرامجها المتنوعة كبرنامج ( الأرض الطيبة ) و ( في ظلال النخيل ) و ( من البادية ) وغيرها. كان مايزيد استمتاعي ودهشتي في آن واحد ، حينما كانت تظهر لي بعض إذاعات الخليج وأنا اتنقل بين موجات الأثير، إضافة لإذاعة مونت كارلو الفرنسية الناطقة بالعربية بترانيمها وماكان يبث فيها من ثقافة جديدة علي - وأنا في تلك السن الصغيرة - خصوصاً حينما كان الحديث عن الديانات الأخرى من بعض المذيعين أو الضيوف المختلفين عني ! و كنت استمع لإذاعة لندن بفاصلها الشهير ( هنااااا لندن ) حيث كانت الفرحة لاتسعني حينها لأني كنت أشعر وكأنني ملكت العالم وقريب من الناس استمع لأخبارهم وأتعرف على ثقافاتهم. والحقيقة أن الإذاعة تأثيرها علي كبير منذ الصغر حالي حال الكثيرين من ابناء جيلي وممن سبقونا، أثرت فينا الاذاعات وكان لها دور كبير في تشكيل شخصياتنا ومعرفتنا منذ أن وعينا على هذه الحياة في بداياتنا وكبرنا معها ولازالت ترافقنا .

الإذاعات السعودية تطورت بشكل كبير ولافت، وهذا ماالحظه حيث أنني - تحديداً - من مستمعي إذاعتي الرياض وجدة بشكل خاص، وللأمانة برامجهم جميلة ومتنوعة، وفيها مذيعين على قدر كبير من الكفاءة والثقة، لأنهم استطاعوا ان يطرحوا موضوعات تلامس واقع الناس بشكل مبسط وتواكب العصر - سواءً كانت اجتماعية أو دينية وصحية .. ، وبشكل تفاعلي حميم بين المذيعين والمستمعين، يشاركون ويطرحون آراءهم وملاحظاتهم ومقترحاتهم بكل رحابة صدر وأريحية . إضافة لمواكبة الأخبار المحلية والدولية وتسليط الضوء بشكل كبير على منجزات وطننا الغالي المملكة العربية السعودية برؤيتها التنموية الطموحة الشاملة، من خلال برامج فريدة ومميزة تبث بشكل مواكب ومستمر. وانا حين أتحدث عن التطور في اذاعاتنا لاأغفل بلا شك عن التطوير الكبير في القنوات التلفزيونية السعودية، وقد أشرت لذلك في مقالة سابقة بشكل مقتضب ولعلي أُخصص لها مقالة في المستقبل القريب باذن الله لأن ماتقدمه يستحق العرض والإشادة .

أتحدث هنا عن الإذاعة لأني وغيري كثيرون لايستغنون عنها خصوصاً في سياراتنا وفي تنقلاتنا و اثناء الزحام اليومي، إضافة لوجودها في البيوت عند محبي الإذاعة من خلال جهاز المذياع . وعلاوةً على ذلك اصبح الوصول للإذاعات أكثر سهولة من خلال الإستماع لها من جهاز الجوال على منصاتهم الخاصة أو التطبيقات المتخصصة. ولأني لاحظت من خلال متابعتي لبرامج إذاعتي الرياض وجدة أن الكثير من برامجهم نوعية وقيمة من الوزن الثقيل، إضافة للبرامج الترفيهية والخفيفة وهي كذلك قيمة لأنها تراعي إختلاف الأذواق وتشكل إستراحة للمتلقي ليجدد نشاطه. وكذلك لديهم كفاءات مميزة من المذيعين والمعدين والمخرجين. ولاحظت أن جمهورهم كبير ويزداد من خلال المتصلين الجدد بشكل دائم . وحتى على مستوى القريبين مني لاحظت استماعهم لبرامجهم القيمة والمتنوعة، وأصبح هناك وعي لابأس به لتطوير الذات واستغلال الوقت بكل ماهو مفيد من خلال مايبثونه. ومن مؤشرات ذلك سمعت بشكل متكرر بعض المتصلين يشيدون بتلك البرامج ومن يقدمها وبأن لها الفضل الكبيربعد الله في توعيتهم وتثقيفهم وادخال البهجة والسرور الى نفوسهم ، وبعض المتصلين اعترفوا بأنهم كانوا يضيعون أوقاتهم في كثير من التفاهات وغثاء بعض تطبيقات التواصل التي لاترتقي بهم، وتغيرت أفكارهم وأوضاعهم وانتظمت أوقاتهم وأصبحت نظرتهم فيها الكثير من التفاؤل والإيجابية ، وبعضهم اعترف بأنه كان مدمنا بشكل كبير على سماع الأغاني الحزينة وأنها تأخذ الكثير من وقته، وعندما قرر لأأن يستمع لما تقدمه هاتان الإذاعتان ( إذاعة الرياض وجدة ) تغير حاله للأفضل، وأصبح ملازما وحريصاً على ما يقدمونه، بل إن بعضهم يبقى ينتظر في سيارته ليستمتع ببرنامجه المفضل، والكثير منهم ينشر تلك البرامج من خلال تطبيقات التواصل .


من هذا المنبر أشيد بالجهود الكبيرة لهيئة الاذاعة والتلفزيون واشكرهم على كل مايقدمونه من محتوى راق، يرتقي بالعقول والذائقة في الإذاعة والتلفزيون، والشكر موصول لكل القائمين على إذاعتي الرياض وجدة لما يبذلونه من جهد كبير في تنوع البرامج وحرصهم للوصول لجميع شرائح المجتمع وتلبية رغباتهم ، وأهمس في أذنهم كذلك بأن تأثيرهم كبير جداً ومسؤوليتهم كبيرة للمحافظة على ماوصلوا إليه من مكانة وحب ، ولمواصلة هذا التميز الواضح للجميع .. وعلى دروب الحب والإرتقاء نلتقي .