يواجه الممارسون لهذه المهنة الحيوية قدرًا كبيرًا من المهام الإدارية والأعباء التنظيمية التي تمتد إلى أبعد من رعاية المرضى المباشرة. وتشمل هذه المسؤوليات التوثيق الشامل، والإبلاغ عن نتائج المرضى، والالتزام بمجموعة لا حصر لها من لوائح الرعاية الصحية، وضمان الامتثال لسياسات وإجراءات المستشفيات.
وفي حين أن هذه المهام ضرورية للحفاظ على سلامة المرضى، وتحسين جودة الرعاية، وتلبية المتطلبات القانونية، فإنها تضيف أيضًا إلى عبء عمل الممرضين والممرضات، ما يؤثر في رضاهم الوظيفي والجودة الشاملة لرعاية المرضى.
ويؤدي النقص في الممرضات والممرضين إلى زيادة عبء العمل عليهم ، ما يؤدي إلى ساعات عمل أطول ورعاية المزيد من المرضى. ويمكن أن يؤدي هذا إلى الأخطاء والإرهاق، ما يؤثر في رضاهم المهني وصحتهم العقلية. أيضًا يمكن أن يؤدي نقص ممارسي التمريض إلى ارتفاع ثمن الرعاية الصحية بسبب زيادة المضاعفات، وإطالة مدة إقامة المرضى في المستشفيات، وارتفاع معدلات الإخفاق في سير ومدة العلاج.
وتشير الأدلة إلى أن المستشفيات ذات العدد الكافي والجيد من الممرضين والممرضات يكون لديهم الوقت والموارد لتنفيذ عمليات الرعاية التي تؤثر بشكل أكثر فعالية وتخفيض مدد إقامة المرضى في المستشفيات. وقد تكون المطالب العاطفية للتمريض أكثر تحديًا من الجوانب الجسدية، حيث شَكَّل الكادر التمريضي روابط عاطفية مع المرضى وأسرهم، غالبًا في مواقف الضعف والمرض والوفاة. إن التعامل مع المرضى والأسر مؤثر للغاية، ومشاهدات المعاناة والوفيات، واتخاذ قرارات حاسمة في بيئات عالية الضغط يساهم في الضغط والتوتر العاطفي.
ومع هذه المهام الحيوية لمهنة التمريض، من المؤثر سلبًا أن تكون الفكرة خاطئة عن أهمية مهنة التمريض، التي قد نراها في المؤسسات الصحية، حيث يعتقد بعض المرضى والأطباء أن عمل الممرضين والممرضات سهل للغاية مقارنة ببقية التخصصات الصحية، وغالبًا ما يكون التصور حيال عملهم بشكل سلبي، ولا يُقدَّر بالشكل المطلوب.
وتناولت دراسة أُجريت عام 2019 في مجلة طب الأسرة والرعاية الأولية مواقف الأطباء والممرضات تجاه العلاقات التعاونية في مكان العمل، ووجد الباحثون أن ممارسي التمريض يفضلون التعاون والعمل الجماعي أكثر من الأطباء. كما اختلفت المواقف بشأن هيمنة الأطباء، وقبول التدريب المشترك بين الممرضين والأطباء. وقد تؤدي هذه المتغيرات، إلى صراعات القوة والتنافسات التي يمكن أن تؤثر في رضَا ممارسي التمريض.
وفقًا للدراسة التي نُشِرت في المجلة الأمريكية للتمريض في العام 2022، إن واحدة من كل ثلاث ممرضات تركت العمل، أو بدلت مسار المهنة أو مكان العمل بسبب سلوك الأطباء. وأجرى معهد ممارسات الدواء الآمنة في عام 2013 استطلاعًا لرأي الممرضات، حيث واجهت 87٪ من الممرضات، أطباء "يترددون أو يرفضون الإجابة عن أسئلة الممرضات، وتعرضت 74٪ منهن لتعليقات أو إهانات متعالية أو مهينة من الأطباء.
وذكر الدكتور آلان روزنشتاين المدير الطبي بمؤسسة VHA West Coast، وهو تحالف رعاية صحية يمثل 26٪ من المستشفيات المجتمعية في الولايات المتحدة، أنه "لا يمكن تَحمُّل عدم احترام الممرضات، إن مشكلة السلوك المشاغب تلفت انتباه المسؤولين التنفيذيين في المستشفيات؛ بسبب تأثيرها في عدد ورضا الممرضات".
ومع نقص الدراسات العلمية والاستقصائية في السعودية عن رضَا المتخصصين في مهنة التمريض، قد نرى بين الحين والآخر عدم احترام المتخصصين في التمريض، والمأمول من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية بالتعاون مع الجمعيات العلمية ذات العَلاقة بعمل دراسات دقيقة حيال هذا الشأن، الذي بدوره يقود إلى التحسين المستمر لمهام وصلاحيات وحقوق الممرضات والممرضين، الذي سيكون له الأثر الأكبر في الاحتفاظ بكادر التمريض في الخطوط الأمامية على المدى الطويل للمساعدة على تعزيز العمل الجماعي والحفاظ على ثقافة قوية في مكان العمل.
ومن جانب آخر، تحثُ التوصيات أن يكون كادر التمريض محدد المهام والصلاحيات، وأن يكون هناك دعم من كوادر أخرى لبعض المهام التي لا يُفترض أن تكون ضمن مهام الممرضات والممرضين، كتأهيل كوادر متخصصة في الرعاية الصحية الأولية أو العامة، وكوادر متخصصين برعاية المرضى، الذي بدأ فعليًا في السعودية عبر برامج تدريبية مقدمة من الأكاديمية الصحية وكذلك من بعض الكليات التطبيقية الجامعية.
وفي الخِتام، يمكن أن يكون للمطالب الجسدية والعاطفية للتمريض تأثيرات عميقة على صحة الممرضات والممرضين ورفاهيتهم. إن معالجة هذه المطالب تتطلب اتباع نهج متعدد الأوجه، بما في ذلك تنفيذ التدخلات الناعمة مثل دعم التدريب والدراسات العلمية، وتوفير الدعم للصحة العقلية، وضمان مستويات كافية من المتخصصين في التمريض والمتخصصين في الرعاية الصحية والصحة العامة، وتعزيز بيئة العمل الداعمة.
إن إدراك هذه التحديات والتخفيف من حدتها أمر بالغ الأهمية للحفاظ على قوة العمل التمريضية، وضمان تقديم رعاية عالية الجودة للمرضى.